في لقاء مع أحد كبار المسؤولين الأميركيين دار حديث حول نية أميركا الانسحاب من أفغانستان، وهذا قبل أكثر من خمس سنوات من الآن.
لقد ذكرت له بأنكم غزوتم أفغانستان تحت شعار «كسب القلوب والعقول» ولكن الآن مضطرون للانسحاب منها، ولم تقنعوا العقول المستهدفة بالديمقراطية المزعومة.
في السياسة الدولية لا يمكن ترك فراغ في دولة سميت بـ «الفاشلة» فملء الفراغ أكثر من واجب، لأن البديل أفظع.
من هذا المنطلق، أميركا بدأت تنسحب من أفغانستان تدريجياً منذ سنوات، ومعها دول أوروبية أخرى، ووضعت لملء هذا الفراغ الخطير، بيد تركيا وباكستان وإيران.
هذا الوضع الجديد، قوى من شوكة «طالبان»، هذا ما صرح به المتحدث باسم حركة «طالبان» بأن أي قوات أجنبية تبقى في أفغانستان بعد الموعد النهائي لانسحاب «الناتو» في سبتمبر، ستكون معرضة للخطر بصفتها محتلة، مضيفاً أن الاستيلاء على «كابول» عسكرياً ليس سياسة «طالبان».
ونتبين هذا الوضع الجديد لأفغانستان من خلال ما ورد على لسان المتحدث باسم البنتاجون، عندما ذكر أننا نراقب عملية الانسحاب من أفغانستان، وسنحرص على عدم تحول البلاد لبؤرة إرهاب، وتسليم القواعد للقوات الأفغانية خطوة مهمة على طريق الانسحاب من هذا البلد.
وبناء عليه، فإن عملية التسليم والاستلام جارية على قدمين وساقين، وهو ما ذكر قوله وزير الدفاع التركي بأنه سيناقش مع نظيره الأميركي خطة لتركيا لتشغيل وحراسة مطار «حامد كرزاي» في كابول بعد انسحاب الناتو من أفغانستان، مضيفاً أنه لا يوجد قرار نهائي بعد.
يبدو بأن هذا السيناريو الأميركي كتابة وإخراجاً، ثم إحراجاً لكل ما سبق، الهدف منه التمهيد لعودة «طالبان الإرهابية» لحكم أفغانستان من جديد وبتوقيع أميركا على بياض هذا الصك السياسي.
بايدن كان مدركاً خلال لقائه الرئيس الأفغاني قبل أسابيع أن الوضع في أفغانستان لا يبدو جيداً، وعلى هذا الأساس تظهر تقديرات حديثة تشير إلى أن «طالبان» قد تستعيد السيطرة على أفغانستان خلال 6 إلى 12 شهراً.
ويؤكد ما نذهب إليه من أن لـ «طالبان» شأناً في المعادلة السياسية المقبلة، تصريح مستشار الرئيس الأفغاني للأمن القومي، بأن كابول عازمة على تشكيل حكومة تمثيلية تضم «طالبان» وجميع «القوى الأخرى».
بايدن يحث الأفغان على تحمل مسؤولية تأمين بلادهم باستخدام سلاح الجو الذي يرى أن الولايات المتحدة تساعدهم في صيانته، مشيراً إلى أن عملية الانسحاب من أفغانستان تسير حسب الجدول، مع بقاء بعض قواتنا في أفغانستان بعد اكتمال الانسحاب.
وقد قامت الولايات المتحدة بتخصيص تشريع خاص بالأفغان الذين مدوا يد العون للأميركان عبر مجلس النواب الأميركي الذي أقر تشريعاً يسهل على الأفغان الذين عملوا مع الجيش الأميركي أو الناتو الانتقال إلى الولايات المتحدة، ومغادرة أفغانستان، كجزء من رد الجميل.
وهناك استعجال واضح في الانسحاب عن مسؤولين أميركيين: أن الولايات المتحدة ستبقي على 650 جندياً في أفغانستان، كقوة دائمة، لحماية الدبلوماسيين بعد انسحابها، وستكمل الانسحاب من أفغانستان خلال أسبوعين.