للسكان دور مؤثر في مختلف مفاصل الحياة في أي دولة، ذلك لأنهم اللبنة الأساسية للتطور الاجتماعي والاقتصادي اللذين يعدان ركنيْن أساسيين ضمن سياق بناء التنمية الشاملة. التنوع الثقافي عامل محوري في تحديد ديناميكية المجتمعات واحتوائها على مكونات كثيرة تتعدد في طرق التفكير وأساليب الحياة، وتعكس ما يعيشه المجتمع من انفتاح.
استثمار الإنسان في التطور الثقافي، وبناء معرفة جديدة يولّد الشعور بالانتماء للوطن والتضحية من أجله. الإمارات نجحت في إيجاد بيئة ملائمة لتنمية ثقافة اجتماعية مستمرة من خلال الاهتمام بالتنوير الفكري، وتوفير متطلبات التجانس السكاني والتلاحم الاجتماعي عبر نقل المعرفة وصيانة التراث عبر مؤسسات وفعاليات منها «مهرجان قصر الحصن»، و« مهرجان الشيخ زايد التراثي»، حيث تستعرض كل منها الفلكلور الشعبي مع حرص الدولة على مشاركة الدول الأخرى احتفالاتها القومية، ومنها على سبيل المثال الاحتفال بالأعوام الصينية وأعياد استقلال الدول. بالإضافة إلى المواقع الثقافية بما فيها المتاحف كـ «اللوفر ـ أبوظبي»، والمجمع الثقافي، و«بيت الحرفيين»، «نادي تراث الإمارات»، وجميعها مؤسسات تلعب دوراً مهماً في تعزيز معرفة المقيمين والزوار والسائحين بالثقافة الإماراتية، وأيضاً عادات وتقاليد مختلف شعوب العالم. 

وتميزت الإمارات بترسيخ مبادئ التسامح والتعايش واحترام حقوق الإنسان من خلال احتضانها 76 كنيسة ودار عبادة لغير المسلمين لتصبح في المرتبة الأولى عالمياً في التّعايش السّلمي بين 200 جنسية. نهج التسامح والتعايش يعزز صورة الإمارات الراسخة كوجهة مفضلة للمواهب العالمية، وفي الوقت نفسه يشير إلى تمتع الامارات بأفضل العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع جميع بلدان العالم، حيث تصدرت الإمارات في تقرير المواهب العالمية، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD، المرتبة الأولى عربياً، والـ24 عالمياً في عام 2020.
والأجندة الوطنية لاستقطاب واستبقاء المواهب تعد إطاراً محفزاً على تنمية القطاعات الاستراتيجية في الإمارات، وذلك ضمن رؤية متكاملة تضمن توافر المواهب والمهارات القادرة على دعم طموح الإمارات، وسعيها الحثيث لتعزيز حضورها في العديد من المجالات العلمية المتخصصة، وتعزيز استعداداتها للأعوام الخمسين المقبلة. ولقد طبقت الامارات مبادرة نظام التأشيرة الذهبية عبر إقامة طويلة الأمد، لخمس أو عشر سنوات، وذلك لفئات معينة تشمل المستثمرين، ورواد الأعمال، وأصحاب المواهب التخصصية لتكون موطنهم للاستقرار والابتكار. فقد عملت الإمارات طوال السنوات الماضية على تدشين بنية أساسية قوية ليس فقط لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية، وإنما أيضاً لاجتذاب العقول في البحث والتطوير، وتكنولوجيا الانتاج، واستقطاب المواهب لأي قطاع اقتصادي مستهدف. 
لا يَعرف ويُقدر نموذج الإنجاز الإماراتي بجعل التنوع المجتمعي قوة اقتصادية إلا مَن عاش أو زار الإمارات وشاهد ما تتمتع به من بنية تقنية قوية ووسائل كثيرة في نقل المعرفة، بالإضافة إلى رأس مال علمي رصين ومنظومة ابتكار فاعلة من أجل الوصول إلى اقتصاد المعرفة في السنوات القادمة.