الحماس تملك الموسيقي المقيم في هافانا «إل فانكي» حين دعي إلى المشاركة في أغنية تعبر عن الحاجة إلى التغيير في كوبا. وأُعجب إل فانكي- اسمه الحقيقي اليسير ماركيث دواني- بالموسيقيين الآخرين المشاركين في المشروع وشعر بعلاقة قوية بكلمات الأغنية. ولم يتخيل قط أن الأغنية التي تنتمي لموسيقى «ريجاتون» الخاصة بمنطقة الكاريبي والفيديو الخاص بها وهي بعنوان «باتريا يا فيدا» (الوطن والحياة) ونشرت في فبراير، ستصبح النشيد غير الرسمي للاحتجاجات الكوبية غير المسبوقة في الحادي عشر من يوليو. ففي احتجاجات لا نظير لها في تاريخ كوبا، تدفق آلاف الكوبيين إلى الشوارع في أكثر من 40 مدينة دون أي تنظيم مركزي بعد أن أرهقتهم صعوبات الحياة اليومية واقتصاد متداع وجائحة متفاقمة وإبطاء حكومي في الاستجابة على حاجاتهم. 

ويوضح «إل فانكي» أن الأغنية تتحدى الشعار الشهير لفيدل كاسترو الذي كان يقول «الوطن أو الموت». ومضى يقول: «الواقع في كوبا هو أن مستويات العوز والبؤس شديدة لدرجة أنها تمثل اللحظة المناسبة لتغيير هذا الشعار القومي. نحن الكوبيين، نريد الحياة والرخاء ومستقبل أفضل». والأمل هو أصل فكرة «الوطن والحياة» بالنسبة للمحتجين وأنصارهم. والأغنية تعبر عن المزاج الذي ألهم عدداً كبيراً من الناس ليغامروا بالمجاهرة بوجهات نظرهم المناهضة للسلطات. 


وحكى أديل بريث، وهو ممثل ومقدم أنباء في موقع على الإنترنت في هافانا، عن الصعوبات التي يواجهها في الحصول على المواد الغذائية الأساسية التي ينتظر من أجلها في الطابور لفترة تصل إلى نحو ست ساعات كل يوم. وحين سمع بريث أغنية «الوطن والحياة» لأول مرة شعر بأنها تعبر عن رغبته المتزايدة دوما لأن يعطي فرصة لتحقيق أحلامه عن وطنه. وردد مقطعاً من الأغنية يقول «لنتوقف عن هتاف.. الوطن أو الموت.. بل تهتف..الوطن والحياة.. ونبدأ في بناء ما نحلم به وما دمروه. لا مزيد لنزيف الدماء للتجرؤ على التفكير بشكل مختلف». 

والحكومة قلقة دون شك، وأقل أسباب هذا القلق هو أن الرئيس الحالي ليس لديه الإرث الثوري لسابقيه، «الأخوان فيدل وراؤول كاسترو». وموجة الاحتجاجات التلقائية تم تنظيمها إلى حد كبير على مواقع التواصل الاجتماعي التي سُمح بها في السنوات القليلة الماضية بعد أن ظلت لفترة طويلة مقيدة. وبعد اندلاع الاحتجاجات تم قطع خدمة الإنترنت والهواتف الأرضية، ووصفت وسائل الإعلام التي تديرها الدولة المحتجين السلميين بأنهم مخربون ولصوص. وألقى الرئيس الكوبي باللائمة على العقوبات الأميركية في انتشار الاستياء، وتحدث مواطنون عن تكثيف التواجد الأمني في الشوارع. 

وتقلص الاقتصاد الكوبي العام الماضي بأكثر من 11% بسبب إضرار الجائحة بالسياحة وتحويلات المغتربين. وعانى المواطنون من نقص الحاجات الأساسية وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة في أكثر شهور العام حرارة. 


لكن بعض الكوبيين حذروا من الاكتفاء بالحماس الذي تشيعه الأغنية. فقد أشار سيرجيو كاستيلو، وهو مدير تلفزيون في هافانا يؤيد المحتجين، إلى أنه من الجيد التعبير عن الاستياء والإحباط وطلب التغيير، لكن «أين المقترحات الحقيقية؟» لحل المشكلات. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونتور»