المتاحف في العالم، هي ذاكرة، ومحفظة العقل، هي حقيبة مجللة بالوعي، مكللة بأزهار العطاء الإنساني، المتاحف في المجمل أنشودة في ثناياها تكمن الخطوات الأولى، ونظرة المبتدأ والخبر، وكل ما جاش، وعاش في الوجدان من سبر، المتاحف في الحياة كتاب مفتوح، يقرأه أولئك الملهمون، ويتقصى مكنونه الذين يعرفون كيف تسافر الفكرة في دروب الفكر، وكيف تنمو البذرة في أديم الأرض، وكيف تتفرع السدرة في فضاء الأفنية الغنية بثقافة، وحصافة، وفصاحة.
دبي التي أينعت، وتفرعت، وأيقظت في الأتون معنى أن نكون أشجاراً وارفة، نظلل، ونبلل، ونعجل من سرعة الموجة، لكي تصبح في الوجود، سفينة، على ظهرها يسهب الطير في النشيد، وترتل الزعانف ترانيم الفرح، في ليل العالم، وفي نهاره.
متحف دبي المستقبل ينال الرضا، والثناء، ويستقطب مشاعر العالمين بسر المحفوظات في قلب الحافظين، والناهلين من نبع المعرفة، لتكون في الكون صحائف، وكتباً، وأقلاماً تلون مشاعر الناس بخبر، وحبر، وتأتي بالمحفوظ، بياناً وبناناً وتبياناً، والوطن هو ذلك الجناح العملاق الذي يحمل على عاتقه، مسؤولية الحفاظ على الأثر، والمآثر، الوطن هو ذلك الشراع العريق الذي يسرج خيوطه البيضاء لتكون مجاديف تمخر عباب الوعي، وتبحر، تقدم ولا تدبر، من أجل أجيال سوف تفتح العيون، لترى ماذا يحدث في هذه البقعة من العالم، التي حركت اللواعج، ودفعت بالطموح نحو غايات، ورايات وهو مكتفٍ بذاته، ولذاته يضع الوطن، في المقلة، وما بين الرمش والرمش.
متحف دبي اليوم يستقطب الألوان، والأشجان، ويستدعي الروح كي تحلق في مجال التاريخ منذ النشأة حتى الارتقاء، منذ الشهقة الأولى حتى الارتواء، ولا شيء غير الحلم هو ذلك الذي يطير بالمنجز، ويرفرف، ثم يحلق، ثم يشرق في الوجود نجماً مهللاً بما تم إنجازه، وما تم كسبه وما تم وضعه في الخافقين ليكون في التاريخ صوتاً يقول هنا دبي، هنا الوصل الذي تواصل فوصل، وحقق ما لا يمكن نسيانه حتى صار في الذاكرة أيقونة ترسخ، وتشمخ علامة، وشامة على الوجنتين.
متحف دبي المستقبل، صحيفة تاريخية، في طياتها تحمل سر الحكمة، وسبر الحنكة، ومعنى أن تكون التضاريس واحة أعشابها أفكار زخرفت الحياة بنشوة التفوق، والتدفق، والتألق، والتحديق فيما وراء النمطي والمعقول.
هو تحديق في الماوراء، في غضون الأبعاد المختبئة في معطف الاستثنائية، والفرادة الإبداعية.