لم يتمكن ذلك الأب اليمني من مغالبة دموعه، وهو يرى فلذة كبده التي لم تتجاوز الثلاثة أعوام، ولأول مرة تستعيد صحتها وحيويتها لتعيش كبقية أقرانها، بعد أن خضعت لجراحة دقيقة ومعقدة لعلاجها من عيب خَلقي نادر يصيب حالة من بين كل 50 ألف ولادة. 
كان المشهد في مستشفى مدينة برجيل بعاصمة الإنسانية أبوظبي، حيث نجح الأطباء في إجراء الجراحة المتداخلة لتضع نهاية سعيدة لمعاناة الطفلة القادمة من بلادها التي كانت توصف في أزمنة غابرة بـ«السعيدة».
في تفاصيل تلك العملية التي انفردت بنشرها صحيفتنا «الاتحاد» الأربعاء الماضي شهور من المعاناة التي رصدها فريق متطوعي المستشفى من الأطباء عندما كانوا في مهمة إنسانية هناك قبل أكثر من عامين برعاية مجموعة «في بي أس» للرعاية الصحية، وأجروا لها جراحة عاجلة كحل مؤقت ريثما يجرون العملية المطلوبة عندما تكبر الصغيرة قليلاً، وتستطيع المجيء للإمارات التي تمكنت من الوصول إليها رغم تداعيات جائحة كورونا بجهود فاعل خير في مايو الماضي ليتم تحضيرها للعملية التي تكللت، ولله الحمد، بالنجاح وخاتمة طيبة لمعاناة طويلة، لتصنع علامة فارقة في حياة الطفلة وأسرتها ووالدها الذي كان يردد، ودموع الفرح تترقرق في عينيه «نحن ممتنون للطبيب وللعاملين في المستشفى على لطفهم وتعاونهم معنا، لقد ساندونا في رحلة علاج طفلتنا، بدءاً من إحضارنا من اليمن إلى علاجها في دولة الإمارات، لن ننسى هذا الخير طالما حيينا».
إنها أيادي الخير في بلاد الخير، بلاد «زايد الخير» الذي صاغ من حب وعمل الخير أسلوب حياة وعمل، يقتدى به الجميع ويقبل عليه، وشجع المؤسسات كافة، بما في ذلك العاملة في القطاع الخاص على المشاركة والمساهمة في الأعمال الخيرية والإنسانية، وما هذا الفريق الطبي الذي توجه لليمن رغم حالة عدم الاستقرار والحرب التي يشهدها سوى خير مثال على تلك الرؤية والممارسة الإنسانية الراقية لفعل الخير.
إجراء عملية دقيقة بهذه الكفاءة العالية يجسد المستوى الرفيع الذي تحقق لمؤسسات القطاع الصحي في الإمارات بقطاعيه العام والخاص، وما بلغته المستشفيات في الإمارات من حيث الكفاءات الطبية والتمريضية والتجهيزات المتقدمة والمتطورة، وهي ثمرة المؤسس الذي حلم ذات يوم بألا يغترب مواطن بحثاً عن علاج أو علم. وها هي الإمارات تزهو اليوم بدرر ومنارات شامخة في القطاع الطبي والجامعي، ولله الحمد والمنة، وشكراً لكل يد خيّرة امتدت لإسعاد مريض أو محروم.