هناك ممارسة تكاد تكون مشتركة -وإن اختلفت المجالات- بين بعض أطباء العيادات الخاصة، وعدد من وكالات السيارات، فهناك نوعية من الأطباء يصفون للمراجع تحاليل ووصفات متنوعة ومتعددة، سواء كان بحاجة لها أم لا، معتمداً على أنه صاحب القرار في تحديد حالة المراجع بصورة قطعية لا منازع له فيها.
 الممارسة نفسها في معظم، إن لم نقل جميع وكالات السيارات الكبرى، ما إن يصلها صاحب السيارة لإخضاعها للفحص الروتيني، ويتركها لديهم حتى يفاجأ باتصال اليوم التالي بأن سيارته بحاجة لتغيير العديد من القطع، وإصلاح بعض الأشياء فيها.
 أحدهم توجه للفحص الدوري لسيارته المشتراة من وكالتها المعتمدة، والتي لم يمضِ على شرائها سوى عام واحد، وهو قليل التنقل بها بسبب الجائحة، ليفاجأ بطلبهم منه تغيير بعض الأجزاء التي يفترض أنها تدوم لثلاث سنوات على الأقل، والسيارة لم يمضِ على استخدامها سوى سنة وأشهر قليلة!!، روى الأمر لأحد معارفه الذي دعاه للاستفادة من عروض بعض الورش الكبيرة المعروفة بكفاءتها وأسعار خدماتها التي تقل عن «الوكالات»، وبقطع الغيار الأصلية نفسها التي يبالغ فنيو «الوكالة» في طلب تغييرها واستبدالها حتى يحققوا «السقف» المحدد والمطلوب من كل واحد فيهم.
غالبية أصحاب السيارات يلجؤون للوكالات لضمان حسن إصلاح مركباتهم، وتزويدها بقطع الغيار الأصلية التي تحتاج إليها لما تضم من كوادر فنية مدربة ومؤهلة بعيداً عن «الميكانيكيين» المدعين الذين تكتظ بهم مناطقنا الصناعية في «دكاكينهم» الصغيرة والمعتمدين على تجارة «السكراب» كمصدر أساسي للقطع لإغراء زبائنهم بها، إلى جانب رخص أجرة اليد العاملة. وتستغل وكالات السيارات الكبرى قلق أصحاب المركبات المشروع، وحرصهم على «الخدمة والقطعة المضمونة» لتبالغ بدورها في أثمان قطع ورشها وأجور العمل.
 قبل سنوات أعلنت بلدية أبوظبي ودائرة التنمية الاقتصادية عن مشروع لتصنيف ورش السيارات في المناطق الصناعية في مدن الإمارة بنظام «النجوم» وإخضاع العاملين لاختبارات مهنية لتحديد الفني المؤهل منها من غيره، وللأسف ظل المشروع يراوح مكانه حتى تبخر، كما تبخر أداء ودور«حماية المستهلك»، خاصة فيما يتعلق بالسيارات وأمور استدعائها لإصلاح عيوب تصنيعية فيها، والتي تكشف عنها الشركة الأُم في بلد التصنيع بين فترة وأخرى.
الجشع الذي تمارسه وكالات السيارات الكبرى يعد السبب الرئيس في ازدهار تجارة قطع الغيار المقلّدة و«التجارية»، ويتطلب تدخلاً حاسماً من الجهات المختصة تنتظره السوق، ومن فيها.