بعد خمسين سنة، من التأسيس إلى الإنجاز، يبرز صندوق أبوظبي للتنمية كأهم داعم للطموحات، وأكبر معزز للمشاريع الاقتصادية في العالم، حيث طافت قوافله الخيرة بلاداً، وحلت أوطاناً، حاملة معها سلال المودة، وحقائب الأمل، من أجل تشذيب مشاعر شعوب، وتهذيب صناديق خير.
مائة وخمسون مليار درهم عمرت أفئدة سبع وتسعين دولة من أقصى الأرض إلى أدناها، هذا ما جعل دولة الإمارات في العالم، الشمس الطالعة عند جبين الأفق، تضيء الآمال، وتسفر عن بهجة في ضمير الكون، وتعمل على إزاحة غبار الفقر، عن كاهل الدول المحتاجة، وإزالة الشقاء عن وجوه طالما تطلعت إلى حياة أكثر أشراقاً، ووضعاً اقتصادياً أكثر انفراجاً، وحالة تنموية تسير بالناس نحو غايات مبهجة، وأهداف لا تصطدم بحائط العوز والفاقة.
بعد خمسين عاماً من البذل والعطاء، والسعي إلى تحسين الخطط الإنمائية في سبع وتسعين دولة، تقف الإمارات اليوم في الصف الأول، كأكبر مانح للمساعدات التنموية، على مستوى العالم. هذا النهر الإماراتي أخذ على عاتقه مسؤولية الاستمرار، وبنشاط أكثر حيوية لخمسين عاماً مقبلة، إيماناً من قيادة البلد، بأن العالم يسكن خيمة واحدة، ومتى ما اشتكى ساكن في هذه الخيمة، يجب أن يتداعى له الساكنون جميعاً، والنهوض به، ورفع أركانه ليستمر في الحياة من دون منغصات.
إيمان الإمارات بهذه المبادئ السامية إنما هو نزعة إنسانية بنيت على وحدة الوجود، وهو الخصلة التي بناها في الضمير الوطني الإماراتي المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعلى نهجه تتبع القيادة الرشيدة الخطوات، وتسير على الأثر، وتقدم كل ما لديها من أجل رفعة الإنسان في كل مكان، ومن أجل أن يصبح المنزل البشري مكاناً للتآلف، والتكاتف، والتضامن، واليوم نشهد هذا الأثر راسخاً، وشامخاً، في كل بلد نزوره، أثر يؤكد مدى تصميم بلادنا على تأكيد التلاحم بين شعوب العالم، وانسجامها من أجل حضارة كونية، مزدهرة، وسخية في نصوعها، ورقيها، من أجل أرض تعشوشب بالحب، والتعاطف، والانتماء إلى تراب واحد وجذر بشري واحد، لا يفرقه دين، ولا يمزقه عرق.
هذه هي سجية الإمارات، وهذه هي عاداتها، وتقاليدها، وهذه هي قناعة قيادتها، منذ تأسيس الدولة، وسوف تظل الإمارات الشمعة التي تضيء سماء العالم، والشجرة التي تظلل أرضه.