اليوم بقدر ما تقدم مؤسسات الدولة والمجتمع من خدمات راقية وسريعة وملتزمة ومتجددة، ومواكبة للتطورات العالمية، بقدر ما يسعد المجتمع، ويتعافى من كل ما يمكن أن يستجد عليه من أحداث أو ظروف، قد يعد بعضهم أن تلك الأشياء هي من الرفاه، ولكن المجتمعات المتحضرة والجديدة تعدها من الضرورات، وهو حال يفرضه واقع عالم جديد ومتغيّر، لذا ظهرت التساؤلات الكثيرة في أوروبا العجوز بالذات مع اشتداد أزمة كوفيد، ونواقص المعدات والمستلزمات الطبية والتجهيزات الفنية، وغياب الصناديق وشركات التأمينات والضمانات الاجتماعية، من بين تلك التساؤلات هل ما يدفعه المواطن الأوروبي طوال حياته من ضرائب لا يكفيه لكي يجد أنبوبة أكسجين في آخر حياته؟ التطعيم مجاني وملزمة به الدولة، وبتوفيره للمواطنين والمقيمين، لأن في البلاء الكل شركاء، وحماية المجتمع انتقل من الوعي الذاتي إلى الالتزام الحكومي، ولا مجال ليظهر المتكلسون الإداريون والموظفون الحكوميون الكثير من استنتاجاتهم وتحليلاتهم وتخرجاتهم القانونية من أجل حماية المصالح العامة، والحرص على المال العام، وإلى غير ذلك من الشعارات التي يمكن أن تصلح علفاً في وقت السلم، لا دواء ناجعاً وقت المحن، الآن في ظل اجتياح مثل هذه الجائحة أصبح الوطن والإنسان بأكمله مستباحاً، لذا كان واقع الحال في كثير من شوارع المدن الأوروبية أبلغ من كل التبريرات الإدارية، كانت يمكن أن تصل لمواجهات صدامية لولا اعتذار الكثير من الحكومات لسوء قراءة الأحداث، والاعتراف بالنقص في الاحتياطات المتوجب تخزينها، سواء معدات طبية أو مستلزمات فنية أو خططاً للطوارئ تكون جاهزة، الأمر الذي أدى إلى امتصاص غضب شوارع المدن، بعد أن تدخلت القوات المسلحة بما تملكه من احتياطات ومخزون استراتيجي لأي ظرف، ما أسهم في عدم انفلات الأمور، ويكون حينها المجتمع في مواجهة مشكلة واحدة، ويصبح في صدام مع مشكلات كثيرة ومعقدة ومتوالدة.
الشعوب الآسيوية المتقدمة، مثل كوريا واليابان والصين تعاملت مع القضية بتلك الخصوصية التي تميزها، والسرعة التي تشتهر بها، والاستعدادات المذهلة لزيادة الإنتاج وتدوير آلياته، المشكلة في بقية العالم الفقير، والمفتقر للأساسيات، خاصة الجانب الأفريقي، وبعض دولنا العربية، سواء على الجانب الآسيوي أو الأفريقي عانت حد وصلت المعاناة الإنسان الذي وقف وحيداً ينعق في برّيته، لذا يجب أن يظل يطالب بتوفير الأرقى والأكثر تطوراً من حكوماته، وعلى الدوام، لأن ذلك لم يعد من الترف، إنه ببساطة الحياة الجديدة للإنسان!