الاستثمار في تعليم الفتيات سيُغير العالم للأفضل. يساعد تعليم الفتيات في زيادة الدخل وتطوير الاقتصاد. سنة زيادة في التعليم المدرسي لفتاة واحدة ترفع من دخلها في المستقبل بمقدار 20%. لو حصل النساء على نفس الأدوار وفرص العمل التي يحصل عليها الرجال سيزيد الناتج الإجمالي العالمي المحلي بمقدار 28 تريليون دولار. الاستثمار في تعليم الفتيات يخلق أيضاً مجتمعات أكثر صحةً وأماناً. كل طفل تجيد أمه القراءة تزيد احتمالات حياته لما بعد عمر 5 سنوات وتتضاعف فرص هذا الطفل في دخول المدرسة، ترتفع فرص حصوله على التطعيمات اللازمة بنسبة 50%. لو وصلت كل فتاة للتعليم الثانوي، ستقل نسبة وفيات الأطفال للنصف، وهو ما يعني إنقاذ ثلاثة ملايين طفل سنوياً.
أثرت جائحة كورونا بالسلب على حياتنا، وتعرضت الأنظمة التعليمية حول العالم لضربات قوية. في ذروة إغلاق المدارس، لم يستطع 1.6 مليار طفل الذهاب للمدارس وهو أكبر تأثير على مسيرة التعليم في التاريخ. وكانت الفتيات هن الأكثر تأثراً ومازالت التداعيات مستمرة.
واجه الفتيات أزمة تعليم قبل الجائحة بالفعل. في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثلاً، كان طفل واحد بين كل خمسة أطفال خارج التعليم، وكان الفتيات خارج التعليم الإعدادي مرة ونصف أكثر من الفتيان.
في أفريقيا جنوب الصحراء، 33.3 مليون فتاة في سن التعليم الابتدائي والإعدادي لا يذهبن إلى المدارس. في جنوب آسيا، أكثر من 20.6 مليون طفل في سن التعليم الإعدادي خارج المدارس. في أوروبا وأميركا، 400 ألف فتاة كن خارج التعليم. 
هناك خطر حقيقي لفقدان جيل كامل من الفتيات، حيث إن هناك 16 مليون طفل قد لا يرجعون للمدارس أبداً. وتتفاقم الأزمة خصوصا بالنسبة للفتيات في سن التعليم الثانوي اللائي سيبقين في المنزل أو يتزوجن مبكراً نتيجة وقوع أسرهن في براثن الفقر.
لكل الأسباب سالفة الذكر، تعاونت بريطانيا والإمارات في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر لإقرار وثيقة مهمة بخصوص تعليم الفتيات. وكان هذا القرار تتويجاً لقرار آخر قادت الإمارات العمل لإصداره عام 2017. ويهدف القرار المشترك للإمارات وبريطانيا لمواجهة تأثير جائحة كورونا على حق الفتيات في التعليم. ويطالب القرار الأممي الدول بضمان حق الفتيات في الحصول على 12 عاماً من التعليم الجيد. وقامت 85 دولة بالاستجابة لتلك الدعوة المشتركة من الإمارات وبريطانيا، بما فيها دول كثيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تستدعي الأزمة تحركاً ممتداً ودعماً عملياً. وإدراكاً لذلك، تستضيف بريطانيا وكينيا والمبادرة العالمية للتعليم القمة العالمية للتعليم في لندن في الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من يوليو الجاري. تهدف القمة لحشد الجهود العالمية، بما فيها الجهود الإماراتية، للاستثمار في التعليم ورفع فرص الفتيات في الالتحاق به. وحددت المبادرة العالمية للتعليم هدفها وهو توفير 5 مليارات دولار خلال الخمس سنوات القادمة لتمكينها من تقديم الدعم المبتغى للتعليم في 90 دولة حول العالم. تعهدت المملكة المتحدة بتقديم 430 مليون جنيه إسترليني للمبادرة ستوجه لمساعدة 1.1 مليار طفل في هذه الدول خلال الأعوام الخمس القادمة. 
أظهرت لنا الجائحة مدى الترابط بين الشعوب والمجتمعات والدول. وتعليم الفتيات ليس استثناءً. عندما نتحد لضمان فرص الفتيات في 12 عاماً من التعليم الأساسي الجيد، سنكون لدينا فرصة لإخراج الملايين خارج دائرة الفقر، وسنطور الاقتصاد وننقذ أرواحاً، وسنبني حياتنا مجدداً بشكل أفضل بعد الجائحة.

صوفيا بريكنل*

*نائب السفير البريطاني لدى دولة الإمارات العربية المتحدة