مع كل ما يشهده العالم من كوارث طبيعية بسبب التغير المناخي، لا بد لنا أن نتحلى بالمسؤولية والفهم لهذا الشأن الخطير للغاية، لذلك سنتحدث اليوم عن هذا الموضوع المهم، والذي سيؤثر على مستقبل البشرية ومستقبل أجيالها المقبلة، وهو مسؤولية وطنية وعالمية بامتياز.

لكن المبهج هو أن دولة الإمارات كانت وما تزال من الدول السباقة في حماية كوكبنا عبر التأكيد على أهمية الطاقة النظيفة والتخفيف من مخاطر تغير المناخ، وهذه المخاطر التي تجلت في ظواهر عدة للتغير المناخي الذي يشهده العالم؛ من فيضانات غير مسبوقة في ألمانيا والصين، وحرائق في كندا والولايات المتحدة والعديد من دول العالم، حيث بات كوكب الأرض مهدداً بتغيرات مناخية عديدة سترفع درجة حرارته، ما يؤدي إلى تبخر المياه بشكل غير مسبوق ثم هطولات مائية كارثية.

وحتى الآن، وعلى الرغم من الجهود الدولية، لم يتم التنسيق بالشكل الكافي للحد من التلوث والانبعاثات، وهو ما تحاول مجموعة العشرين (ممثلة في ووزراء الطاقة والبيئة) الوصول لاتفاقيات بشأنه. وتتحلى دولة الإمارات بقدر مشهود من المسؤولية في هذا المجال (كما في غيره من المجالات الأخرى)، حيث تسعى بشكل جاد وغير مسبوق للتعاون مع دول العالم، وإلى أن تكون نموذجاً يحتذى في التخفيف من التغير المناخي.

ومعلوم أنه لدينا وزارة اسمها «وزارة التغير المناخي والبيئة»، وهو ما يعكس اهتماماً كبيراً من الدولة بهذا الجانب. كما أن لدينا شبكة الإمارات لأبحاث تغير المناخ التي تقدم البحوث قصيرة وطويلة الأجل، موضحةً أسباب تغير المناخ في المنطقة وطرق علاجها وخطط العمل التي يجب تطبيقها بالتعاون مع الوزارة.

كما أنه لدينا يوم خاص بالبيئة، مما يعكس نهج قيادتنا في رسم الطريق للأجيال المقبلة بغية العناية بالبيئة والتأكيد على مساهمات الدولة عالمياً في جهود حماية البيئة. الإمارات الرائدة في كافة المجالات، حققت الريادة أيضاً في مجال التغير المناخي من خلال مبادرات عالمية ومحلية، منها ما يتعلق بالانبعاثات والتحكم بها وفق مشاريع وآليات التنمية النظيفة والاستثمار في الطاقة المتجددة، وتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة النظيفة.

ويكفي أن نتحدث هنا عن مبادرة «مصدر» في إمارة أبو ظبي، حيث تم تخصيص 15 مليار دولار لبرامج الطاقة المتجددة، وجمعت هذه المبادرة كبريات الشركات، وشيدت «مدينة مصدر» لتكون الأولى عالمياً في الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة، والتي تظهر قدرة الإمارات على تطوير هذا النوع من المدن التي تشكل أنموذجاً عالمياً وريادياً في استخدام الطاقة المتجددة بشكل ذكي وفعال، ولتأسيس نوع جديد من المنتجات القائمة على الحفاظ على البيئة وتجديدها.

الإمارات التي هي أول دولة خليجية توقّع على اتفاق باريس للمناخ، وضعت خططاً بيئية طموحة تتعلق بخفض الانبعاثات، كانت أيضاً الدولة استضافت الحوار الإقليمي المتعلق بالتغير المناخي، ونسقت مع الولايات المتحدة في دعم التقنيات التي ستدعم هذا التوجه المشترك للبلدين. فدولتنا تعبّر عن رؤية قادتها الذين يتحلون بمسؤولية أخلاقية عالية تجاه وطنهم، وتجاه العالم بأسره.

ولكل ذلك تستمر الإمارات في التصدي للتغير المناخي وأخذ زمام المبادرة، ويكفي أن نعلم أن استراتيجيتها للطاقة المستقبلية للعام 2050 تستهدف رفع مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، وربما نرى مدنا تعتمد كلياً على الطاقة النظيفة لنتجه بثبات نحو الاقتصاد الأخضر، ما سيضعنا في مصاف الدول الرائدة التي تحلت بالمسؤولية الكاملة على كوكب الأرض في حماية البيئة والتفكير بالأجيال المقبلة وحمايتها. فهذا الكوكب بدأ يرسل إشارات واضحة لخطورة التغيرات المناخية في العالم، ولا بد من التحرك سريعاً على صعيد عالمي موحد.

*كاتب إماراتي