لطالما كان اهتمام أولياء الأمور يكمن في التحكم بمحيط الطفل خارج المنزل، لحمايته من أي مكروه أو أذى.. ولكن، عندما استضفنا التكنولوجيا وأجهزتها الذكية بأبواب مفتوحة وأيادٍ مرحّبة داخل عقر ديارنا، لم نُخمّن يوماً أننا أدخلنا وحشاً متنكراً بصفة «الونيس» ليجلس مع أطفالنا، ويستغلّهم في سلوكيات خاطئة، ويدفعهم إلى الموت أو الانحراف. 
نعم، وإن حمَلت الكلمات أعلاه بعضاً من المبالغة في الوصف، فإنّ «الشيطان الأخرس» فعلًا يجلس مع أطفالكم، أو يراقبهم، فاحذروا الصنفيْن. 
اجتياح الأجهزة الذكية عالمنا، ودخولها منازلنا لترقية حياتنا اليومية، باتت خطراً يداهم أطفالنا إذا جالسوها بلا رقابة أسريّة؛ فإهمالهم وانشغال الآباء عنهم وعدم مراقبتهم وتوعيتهم يفضي بهم إلى الوقوع بين براثن معدومي الضمير، فيدخل الأطفال عالماً لا يمتلكون فيه خبرةً كافية، والنتيجة تكون إمّا الضياع.. أو الضياع. 
إذاً، فلنقطع الشكّ باليقين، ونصف غياب الرقابة الدائمة على الأطفال واستخداماتهم للأجهزة الذكية وتطبيقاتها ومنصاتها الرقمية، بأنها «جنايةٌ على فلذات الأكباد». 
الإجراءات المنزلية التي ستُجنّب العائلات كوارث وخيمة، بسيطة، وليست ببعيدة عن مرمى السلطات الإماراتية القائمة على حماية الأرض وشعبها؛ إذ دعت شرطة أبوظبي أولياء الأمور إلى مضاعفة الرقابة على صغارهم في الإجازة الصيفية التي لا يجِد الطفل فيها سوى الأجهزة الذكية مهرباً له من الملل، وطالبتهم «بعدم الانشغال عنهم، وحمايتهم من مخاطر الابتزاز والإساءة عبر مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، مثل حالات التنمّر والتهديد، وحالات التحرش، واستدراج الصغار لمشاركة صورهم وبياناتهم وتوريطهم في أنشطة غير أخلاقية». 
هذه التحذيرات، ليست الأولى من نوعها، فالقيادة الرشيدة لا تغفل عن الآفات التي يمكن أن تجتاح المجتمع لتفتِك بنسيجه وأخلاقه، فتُوجّه السلطات لتقوم بتوعية الأفراد بالمخاطر المتربّصة، التي تنتظر اللحظة الملائمة لتفترس ما ليس لها. 
من جهة أخرى، حذّرت شرطة أبوظبي من الجرائم الإلكترونية بشكل عام، كالإفصاح عن تفاصيل بيانات البطاقة الائتمانية حفاظاً على سرّيتها، والشراء عبر المواقع الموثوق بها التي تطبّق ضوابط آمنة، واستخدام بطاقة مصرفية ذات رصيد محدود، حتى لا يكونوا عرضة للاحتيال والقرصنة. 
تحذيرات وإجراءات، تصبّ جميعها في بوتقة التوعية، والحثّ على اليقظة في التعامل إلكترونيًّا، لحماية المجتمع بشكل عام، والأطفال والمراهقين بشكل خاص. فبالرغم من أن شبكة الإنترنت تسهم في تنمية مهارات الأطفال الذهنية والعقلية، فإن مميزاتها التي من شأنها الارتقاء بالمجتمع إلى أعلى مراتب الشموخ، قد تُستخدم لأغراض هدّامة؛ فيجد المرء نفسه على بُعد لمسة زرّ من بحر هائج وطوفان هائل من المواقع التي يجِد فيها ضالّته، فتغمُره.. من دون استئذان. 

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية