- يجب ألّا نربط الأشياء ببعضها دوماً، فالنتائج لها ليست بالضرورة صحيحة، ودقيقة، كأن يعتقد أهل الإمارات أن وزيرة السعادة عندهم، دون شك هي أسعد واحدة في الإمارات، مثل ما كان يعتقد أصحابنا، وأنا واحد منهم، أن مدير البنك الدولي، هو أغنى واحد في العالم، حتى زار تركيا مرة، وكان من ضمن زياراته لذلك البلد الغني بالتاريخ والسياحة، زيارة أحد مساجدها العظمى، فخلع مدير البنك الدولي، حذاءه، إجلالاً للأماكن المقدسة، فبانت حينئذ إحدى جواربه مشقوقة، وبدا إبهامه خارجاً منها، وهي مسألة لا تليق به، ولا بمنصبه، ومثال آخر عن عدم ربط الأشياء ببعضها، وزير المالية الألماني، وحين تقول مالية، وألماني، لا بد وأن تستبشر خيراً، فهناك الغنى والسيارات الفارهة والقوة، واليورو عندهم مثل «الجرخية»، فكيف بوزير مالية ألمانيا الذي يسرح الشغل على دراجة هوائية، مُردِفاً شنطته الجلدية، متقنة الصنع خلفه، وبلده ينتج 18 مليون سيارة «مرسيدس» في العام، هذا غير الماركات الرفيعة التي تعرفونها، لكنها القناعة التي هي أساس السعادة، وحب العمل من أجلها.
- لم تنتقل جثة رجل عظيم، مثلما تنقل رفات الشاعر التشيلي «بابلو نيرودا»، الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1971م، حيث تم دفنها للمرة الرابعة في تشيلي، بعد مرور ثلاث سنوات على استخراج رفاتها لمعرفة سبب وفاته، لأن الشكوك كانت تدور بشأن اشتباه في تسممه، حينما توفي بعد 12 يوماً من انقلاب «بينوشيه» على صديق «نيرودا»، الرئيس «سلفادور أليندي» عام 1973م، لكن التجارب التي أجريت على عينات من الأنسجة في مختبرات تشيلي وأميركا وإسبانيا لم تظهر أي دليل على السُّمّية، وبقيت بعض الفحوصات المتعلقة بالحمض النووي الوراثي، لم تكتمل بعد، الشاعر «نيرودا»، الشيوعي، والذي توفي نتيجة الإصابة بسرطان «البروستات»، اختفى ملفه الطبي، ولم يعثر عليه، دفن في البداية في العاصمة «سانتياغو دي شيلي»، إلا أن جثمانه نقل بعد ذلك إلى قبر آخر، وفي عام 1992م، نقل رفاته ثانية إلى جزيرة «نيجرا»، وأخيراً استقر في حديقة منزله الساحلي الذي تحوّل لمتحف، مع زوجته الأخيرة «ماتيلد أوروتيا»! تذكرت ذلك الشاعر الثائر الجميل، حينما شاهدت الفيلم «الإيطالي- الفرنسي»، «ساعي بريد بابلو نيرودا»، وهو من الأفلام الجميلة جداً التي غابت عني، وفرحت كثيراً بمشاهدتها بعد سنوات طويلة من إنتاجها، وكأنها كانت فرحة مخبأة للأيام.