السيناريو الأول: يقول المثل الشعبي المتداول عند أهل البحر «اللوهة تي من بحر عشرة والخصيفي على السيف» يفسره النوخذة سعيد المطوع فيقول: إن اللوهة (طائر الغاق) تشقى في تحصيل رزقها، فهي تغوص في البحار العميقة سعياً لتحقيقه، بينما يقوم الخصيفي (طائر بحري ذو قوائم طويلة يخوض بها مياه البحر الضحلة) فيحصل على رزقه وهو على الساحل، من دون مشقة الغوص ومخاطرها، يقال المثل للشخص الكادح والمجتهد والذي يخاطر بنفسه ويتفانى في عمله تحصيلاً، وبخلاف ذلك يحصل طائر الخصيفي الذي لا يخاطر أو يبتعد عن الساحل على مبتغاه بلا جهد أو عناء. السيناريو الثاني: يقول المثل الشعبي «حد احْشمِهْ وحد أحشم عمرك عنه» وتفسره لنا الباحثة عائشة عبدالله المهيري بأن هناك من يستحق التقدير والاحترام فنعامله بأسلوب محترم يعكس أخلاقه وأخلاقنا، وهناك مَنْ يجب علينا الترفع عند مخالطته احتراماً لأنفسنا. السيناريو الثالث: يقول المثل الشعبي «وِشْ على السَّحاب من نَبْح الكلاب» ويشرحه لنا صاحب «المتوصف» عبدالله بن دلموك فيقول: إنَّ نُباح الكلاب لا يؤثِّر على السَّحاب في شيء، ويضرب المثل للشخص الذي يتعرَّضُ لهجومٍ وانتقادٍ من بعض الأشخاص الحاقدين، فيُقالُ هذا المَثَل لتشجيعه، أو على لسانه. ما هي سالفة هذه السيناريوهات؟ هي تلخيص وتسلسل لأحداثٍ ولواقعٍ تفرضه بعض بيئات العمل، لاسيما تلك التي يتفانى لخدمتها الغواصون والكديدة العاملون بقلبٍ سليم يعكر صفو الفقراء والمساكين.
واستذكرت مقالاً كتبه د. علاء جراد بعنوان «سرقة الأفكار» ذكر فيه انعقاد مؤتمر عن السرقات العلمية، لاسيما تلك التي في مجال البحث العلمي والنشر والترجمة، وطرح مثالاً على ذلك «قد يقدم الموظف اقتراحاً ويتم رفضه، ثم يفاجأ بتطبيق اقتراحه بعد فترة، بل والأسوأ أن يتم تكريم شخص آخر ونسبة الاقتراح إليه، وقد يكون مديره المباشر، فيولّد ذلك الإحباط والإحساس بالظلم.. لكن المشكلة الأكبر والتحدي هو سرقة الأفكار، حيث يصعب الكشف عنها، فقد يقوم شخص بعمل اقتراح يبذل فيه مجهوداً كبيراً لبلورته، ويفاجأ بسرقة الفكرة وتنفيذها حتى دون منحه حقّه المعنوي أو الاعتراف بأنه صاحب الاقتراح».
للعارفين أقول، تربينا في بيئة أشبعتنا وأكرمتنا وعززت في أعماقنا قيم الأمانة والنزاهة والصدق وأذكر والدتي، رحمها الله، وهي تقول: «الكذب خيبة»، وتحتم على شجاعتي أن أهب الإمارات النفس والنفيس. لغير العارفين مثل من بيئتنا يقول: «الرمسة قوت لكنها خراب بيوت» يفسره لنا الدكتور عبدالعزيز المسلم فيقول: نُسقط هذا المثل على الواقع هذه الأيام لمن استرزق من كلامه شرّاً وبطريقة سلبية، وأوْقَعَ بين الناس بالقذف والافتراء والنميمة.. أعتقد أن الصورة واضحة.