تعتقد إحدى الشركات اليابانية التي بدأت قبل 80 عاماً بصنع عجلات التجليخ للآلات أنها قادرة على مساعدة الشركات المصنعة من أجل إنتاج أشباه موصلات أصغر حجماً وأكثر قوة لتشغيل الجيل التالي من الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المتقدمة.
يمكن لآلات شركة «ديسكو كورب» أن تشحذ رقاقة السيليكون لتصل إلى درجة نحافة شبه شفافة وتقطع طرف الشعرة إلى 35 قسماً. وستتيح هذه الخبرة الفنية لشركات صناعة الرقائق تكديس الدوائر المتكاملة فوق بعضها البعض في عملية تسمى التغليف ثلاثي الأبعاد، مما يعد بوجود أسطح أصغر للرقائق، واستهلاك أقل للطاقة ونطاق ترددي أعلى بين الأجزاء المختلفة.
قال الرئيس التنفيذي للشركة، كازوما سيكيا، في مقابلة: «تخيل تقطيع كرواسون بالتساوي إلى نصفين، سيتطلب ذلك سكيناً من نوع خاص وحرفية كبيرة».
لطالما اعتمدت صناعة أشباه الموصلات على قانون مور (المنسوب لجوردون مور مؤسس شركة «إنتل»، حيث يرى منذ منتصف الخمسينيات أنّ أعداد الترانزستورTransistor الموجودة في كل بوصة مربّعة ترتفع بشكلٍ مضاعف منذ اختراعها، حيث إنّ العدد المستخدم في كل بوصة مربّعة يتضاعف كل سنة، ولذلك توقع مور استمرار هذه الزيادة في المستقبل)، هذا القانون تم الاعتماد عليه كنموذج لاختراقات تكنولوجيا الرقائق، لكن صانعيها يقتربون الآن من الحدود المادية لقدرتهم على حشر المزيد من الأجزاء الإلكترونية (الترانزستورات) في السيليكون حيث تنتقل الشركات الرائدة مثل شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة لنقط أصغر بطول 3 نانومتر. وهذا يحفز الشركات المصنعة إلى اللجوء لحلول مثل التغليف ثلاثي الأبعاد لتقديم ميزة. وأضاف سيكياً أن تقنية شركة «ديسكو» كانت قيد الإعداد منذ أربع إلى خمس سنوات، وهي جاهزة أخيراً للاستخدام العملي.

حققت شركة «ديسكو» نمواً بما يعادل ضعف وتيرة صناعة أشباه الموصلات بسبب الحاجة إلى معدات شحذ وتقطيع دقيقة. على مدى الأربعين سنة الماضية، عملت الشركة على كل نوع من تطبيقات التقطيع التي يمكن تخيلها، لذا فهي في وضع جيد للانتقال إلى المرحلة التالية وهي التعبئة والاندماج ثلاثي الأبعاد.

بعض شرائح الذاكرة وأجهزة استشعار الصور -الأجهزة التي تحول الضوء إلى آحاد وأصفار -تستفيد بالفعل من الاندماج الرأسي. وقالت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة إنها ستنفق حوالي عُشر ميزانية إنفاقها الرأسمالي البالغة 30 مليار دولار هذا العام على تقنيات التغليف والتغطية المتقدمة.

جد «سيكيا» أسس الشركة في عام 1937 للاستفادة من الطلب على معدات الشحذ وسط التعزيزات العسكرية اليابانية قبل الحرب العالمية الثانية. وبعد الحرب، تم استخدام عجلات جلخ شركة ديسكو في شحذ المغناطيس لعدادات الكهرباء وشق طرف قلم الحبر. في عام 1974، كلفت جامعة طوكيو الشركة بمهمة قطع صخور القمر التي أعادتها مهمة أبولو 11.
افتتحت الشركة مكتبها في الولايات المتحدة في عام 1969، بعد عام من إنشاء شركة «انتل»، تزامناً مع بداية ثورة الرقائق الدقيقة. تعد شركة «ديسكو» الآن واحدة من عدد من الشركات اليابانية غير المعروفة والتي تعتبر ضرورية لإنتاج أشباه الموصلات. وهي تسيطر على 81% من سوق معدات الشحذ و73% من معدات التقطيع في أشباه الموصلات، وفقاً لشركة نومورا للأوراق المالية.

تتميز شركة ديسكو مميزة بأنها استخدمت خلال العقد الماضي عملة داخلية تسمى «ويل» لإنشاء اقتصاد صغير حيث تدفع فرق المبيعات لعمال المصانع لإنتاج السلع، والذين يدفعون بدورهم للمهندسين لتصميم المنتجات. حتى مكاتب الأقسام وأجهزة الكمبيوتر وغرف الاجتماعات لها ثمن. عند إجراء عملية بيع، تتدفق العملة مرة أخرى عبر سلسلة التوريد. يتم دفع الأرصدة بعملة الين في نهاية كل ربع سنة كمكافآت.
عندما ضرب الوباء البلاد، أنشأت الشركة نظاماً يدفع فيه العاملون عن بعد مبلغاً معيناً من عملة «ويل» ليتم تقسيمه بين الموظفين الذين يعملون من مقر الشركة. وقال سيكيا إن 40% من الموظفين اختاروا الحضور شخصياً في وقت مبكر، وحصلوا على مكافآت كبيرة، دون إعطاء أرقام محددة. لكن حالات العدوى في الشركة ظلت منخفضة، وظل مجموعها في خانة الآحاد في اليابان. والآن بعد عودة ما يقرب من 90% من موظفيها إلى أماكن العمل، تضاءل العائد. يبلغ عدد العاملين في شركة ديسكو ما يقرب من 5600 شخص.
وقد ساعد هذا الجهد الشركة في تشغيل مصانعها بكامل طاقتها خلال العام الماضي وسط تدفق الطلبات من مصنعي الرقائق المتسابقين لتعزيز الإمدادات في ظل نقص رقائق عالمي. نمت عائدات شركة ديسكو بنسبة 30% في السنة المالية الماضية لتصل إلى 182.9 مليار ين (1.65 مليار دولار)، بينما قفزت الأرباح بنسبة 46% تقريباً لتبلغ 53.1 مليار ين. وقال سيكيا إنه لا توجد حتى الآن مؤشرات على الركود في الطلب. وأضاف أن شركة ديسكو تسعى لشراء أراض في محافظتي هيروشيما وناجانو لتوسيع مصانعها.
وأكد أن «هذا الزخم سيستمر بالتأكيد خلال النصف الأول من السنة المالية، حيث لا توجد مؤشرات على حدوث تباطؤ في الوقت الحالي».

بافيل ألبييف
صحفي متخصص في تغطية أخبار التكنولوجيا 

يوكي فوروكاوا
صحفية في قضايا التقنية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»