لم تتمكن الحكومة الأميركية من تحديد ما إذا كان أكثر من 140 جسماً طائراً مجهولا، معظمها أبلغ عنها طيارو البحرية، هي عبارة عن أحداث في الغلاف الجوي تتحايل على أجهزة الاستشعار أم مركبات يقودها أعداء أجانب، أم ما إذا كانت هذه الأجسام من خارج الأرض.. وذلك وفقاً لتقرير طال انتظاره صدر يوم الجمعة من قبل مسؤول بارز في الاستخبارات. لم يجد التقرير أي دليل على أن الكائنات، التي تم تصنيفها على أنها ظواهر جوية مجهولة، كانت من صنع كائنات فضائية. لكن في جميع الحالات الـ144 التي فحصها فريق من الخبراء الحكوميين، أدى نقص البيانات إلى إعاقة جهودهم لتوضيح ماهيتها بشكل نهائي.

ومن المؤكد أن النتائج غير الحاسمة للتقرير، والذي طلبه الكونجرس، ستغذي اهتمام الأميركيين طويل الأمد بالمشاهد غير المبررة، والتي تلقَّت مستويات غير مسبوقة من الاهتمام في السنوات الأخيرة من جانب المسؤولين الحكوميين والمشرّعين على حد سواء. إن مجرد وجود التقرير هو اعتراف رائع بأن البشر قد واجهوا أشياء تقوم بأعمال فذة لا يمكننا تفسيرها. ووجد التقرير أن «بعض الظواهر الجوية المجهولة بدت وكأنها ثابتة في الرياح العالية، أو تتحرك عكس اتجاه الريح، أو تناور بشكل مفاجئ، أو تتحرك بسرعة كبيرة، دون وسائل دفع يمكن تمييزها. وفي عدد قليل من الحالات، عالجت أنظمة الطائرات العسكرية طاقة التردد اللاسلكي المرتبطة بمشاهدة هذه الظواهر المجهولة». وأفاد المراقبون بحدوث هذه التحركات غير العادية و«خصائص الطيران» في 18 حادثة منفصلة.

وقال التقرير إن فرقة العمل التي تحلل هذه الظواهر المجهولة ستركز الآن على تحليل إضافي لهذا العدد الصغير من الحالات. ومن المرجح أن يثير التقرير غير السري تكهنات بشأن المعلومات التي آثرت الحكومة عدم الكشف عنها.

وقال مدير «ناسا»، بيل نيلسون، إنه اطلع على تقرير الظواهر الجوية المجهولة السري عندما كان يخدم في مجلس الشيوخ. وبينما لم تشارك «ناسا» في كتابة التقرير العام، قال نيلسون إنه طلب من علماء الوكالة دراسة الحوادث التي تناولها التقرير وتفسيراتها المحتملة. وجدير بالذكر أن وكالة «ناسا» لديها مكتب صغير مخصص للبحث عن حياة خارج كوكب الأرض. وأوضح نيلسون وجهة نظره الشخصية، وهي أن اتساع الكون يشير إلى حتمية وجود حياة فضائية.

«إذا كان الكون بهذه الضخامة.. فهل هناك احتمال لوجود حياة؟ جوابي هو: نعم». وقال السناتور «الديمقراطي» مارك وارنر، رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، إنه تم إطلاعه على الظواهر الجوية المجهولة قبل حوالي ثلاث سنوات. وأضاف: «منذ ذلك الحين، يبدو أن تواتر هذه الحوادث آخذ في الازدياد. يجب أن تكون الولايات المتحدة قادرة على فهم التهديدات التي يتعرض لها طيارونا والتخفيف منها، سواء أكانت من طائرات دون طيار أو مناطيد الطقس أو قدرات استخبارات العدو. ويمثل تقرير اليوم غير الحاسم مجرد بداية مجهود لفهم وإلقاء الضوء على ما يسبب هذه المخاطر للطيران في العديد من المناطق في جميع أنحاء البلاد والعالم».

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، إن الأجسام «تُظهر بوضوح مجموعة من السلوكيات الجوية». وأضاف: «لا توجد إجابة واحدة حول هذه الظواهر». ويقدم التقرير خمس فئات من التفسيرات المحتملة للأشياء التي تمت ملاحظتها بين عامي 2004 و2021: الفوضى المحمولة جواً، مثل الطيور أو بالونات الطقس، وظواهر الغلاف الجوي الطبيعية، وبرامج الحكومة الأميركية أو برامج تطوير الصناعة، وأنظمة الخصوم الأجنبية، ومجموعة «أخرى». الوصف عبارة عن شيء جامع يمكن تطبيقه على المواجهات التي كانت مختصرة أو أنتجت بيانات قليلة جداً لتطوير نظرية في هذا الصدد.

وقد وجد التقرير أن بعض هذه اللقاءات يمكن تعريفها بشكل أفضل بمزيد من المعلومات أو من خلال التطورات العلمية لتحليل الظواهر. ولا ينتهي عمل فريق العمل بإصدار التقرير، إذ أعلن البنتاجون أنه سيضع خطة لمواصلة المهمة رسمياً، ويشمل ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، كما قال التقرير، للتعرف على أوجه التشابه والأنماط في البيانات حول الوقائع الجوية المختلفة. وهناك الآن عملية رسمية لأفراد البحرية الأميركية لجمع المعلومات والإبلاغ عنها حول المشاهدات، والجهود جارية لإنشاء عملية قياسية عبر الخدمات العسكرية وبين الوكالات الحكومية، والتي من شأنها أن تساعد في توليد المزيد من المعلومات للدراسة المستقبلية.

وقال السيناتور «الجمهوري» ماركو روبيو: «على مدى سنوات، أبلغ الرجال والنساء الذين نثق بهم في مجال الدفاع عن بلدنا عن مواجهات مع طائرات مجهولة ذات قدرات فائقة، ولسنوات غالباً ما كان يتم تجاهل مخاوفهم والسخرية منها». ويعد هذا التقرير خطوة أولى مهمة في تصنيف تلك الحوادث، لكنه مجرد خطوة أولى. وأمام وزارة الدفاع والمجتمع الاستخباراتي الكثير من العمل للقيام به قبل أن نتمكن فعلياً من فهم ما إذا كانت هذه التهديدات الجوية تمثل مصدر قلق خطير للأمن القومي.

 شين هاريس* وميسي رايان**

*صحفي أميركي متخصص في شؤون الأمن القومي

**صحفية أميركية متخصصة في القضايا العسكرية والأمن القومي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»