بالنسبة لإيمانويل ماكرون، الذي كان يدعو بإلحاح إلى العمل الدولي متعدد الأطراف في عهد دونالد ترامب، والذي كان يشتكي من أن حلف «الناتو» بات في حالة «موت دماغي»، يُعد مجيء جو بايدن الذي أنعش هذا التحالف الأطلسي وبثّ الحياة فيه من جديد مبدئياً خبراً ساراً. 
فالولايات المتحدة تشارك اليوم من جديد في مكافحة الاحتباس الحراري، الذي يُعد هدفاً مهماً يحظى بالأولوية بالنسبة لفرنسا. وجو بايدن وضع حداً للحرب المؤذية جداً لأوروبا بين شركتي «بوينج» و«إيرباص». كما وافق على فرض ضرائب على عمالقة القطاع الرقمي، وهو ما كان يرفضه دونالد ترامب رفضاً قاطعاً، وعلى رفع العقوبات عن مشروع إنشاء خط الأنابيب «نور ستريم 2».
غير أن وصول جو بايدن إلى السلطة يمكن أن يتحول إلى فخ لإيمانويل ماكرون. ذلك أن الرئيس الفرنسي كان نقيضَ ترامب، وكان يجسّد الدفاع عن العمل الدولي متعدد الأطراف، ولكن الآن، لم تعد هناك حاجة لهذا الدور: ذلك أن جو بايدن لا يحتاج إلى نموذج مضاد، لأنه هو نفسه النموذج الجذّاب بالنسبة للزعماء الأوروبيين. ومن الصعب مقاومة جو بايدن، الذي ما انفك يشدد، بابتسامة عريضة ونبرة ودية ومهذبة، على أن «أميركا عادت». 
الحملة الكبيرة التي أطلقتها الولايات المتحدة ضد الصين لا توافق الأجندة الأوروبية: وقد لاحظنا ذلك بشكل واضح خلال قمتي مجموعة السبع وقمة الناتو، اللتين شدّد إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل عشيتهما على عدم تقاسم الرؤية الأميركية لتهديد صيني مطلق وعالمي – رؤية يتفق حولها جو بايدن ودونالد ترامب. فمع مجيء جو بايدن، لم يتغير هدف الولايات المتحدة المتمثل في احتواء تقدم الصين وظل كما كان: وكل ما هناك أن دونالد ترامب كان يريد فعل ذلك بطريقة أكثر قوة، في حين أن جو بايدن يحدوه طموح متزايد لحشد الأوروبيين معه. وأوروبا انجرّت إلى هذا السباق ضد الصين وفشلت في مقاومة الطموحات الأميركية: ففي البيانات المشتركة الموقعة في ختام قمة حلف «الناتو»، كانت الغلبة في النهاية للمصطلحات الأميركية التي احتُفظ بها في ما يتعلق بـ«التهديد» الصيني. 
وإذا كان جو بايدن أقل ميلاً إلى التحرك على نحو أحادي الجانب من سلفه، فإنه لا يميل إلى تعددية الأطراف تماماً، ذلك أنه قرر الانسحاب من أفغانستان من دون إخبار الأوروبيين رغم أنهم منخرطون في الحرب أيضاً، والأرجح أن «وكالة الأمن القومي» لن تكف عن التنصت على الزعماء الأوروبيين على الرغم من الوعود الأميركية الكثيرة بالعكس، وجو بايدن لن يتخلى عن تطبيق التشريعات الأميركية خارج حدود الولايات المتحدة – ويكفي هنا تذكر القوة التي طبّقها بها باراك أوباما مع عقوبة التسعة مليارات دولار لشركة «بي إن بي» المصرفية وتفكيك شركة «ألستوم» للنقل السككي. وعلى صعيد المفاوضات التجارية، من الواضح أن جو بايدن، الذي يريد حماية الطبقة المتوسطة الأميركية، لن يقدّم هدايا للأوروبيين. 
وهناك مشكلة أخرى بالنسبة لإيمانويل ماكرون وتتمثل في حقيقة أن الدبلوماسية الأميركية تولي الأولوية، على الصعيد الأوروبي، للعلاقات مع ألمانيا، التي تبدو الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في أوروبا، ومع المملكة المتحدة، التي تظل الشريك التقليدي، رغم أنها خرجت من الاتحاد الأوروبي. فأنجيلا ميركل ستُستقبل في واشنطن هذا الشهر، في حين أنه بين القيادات الفرنسية لم تقم وزيرة الدفاع، ولا وزير أوروبا والشؤون الخارجية، ولا وزير الدولة للشؤون الأوروبية، ولا الرئيس ماكرون نفسه، بزيارة إلى العاصمة الأميركية. 
وعلى الصعيد الدولي بشكل عام، نرى جيداً أن آسيا هي الأولوية بالنسبة لبايدن، إذ ما فتئ الوزراء الآسيويون يتوافدون على واشنطن تباعاً، خلافاً للزعماء الأوروبيين. 
وتكمن الصعوبة أيضاً في دور فرنسا على الصعيد الدولي: إذ باتت توافق مكرهَة على ما يقوله الأميركيون، ولا تقدّم بديلاً حقيقياً لخططهم. والحال أنه عندما كانت أكثر تمرداً، كان الآخرون يولونها قدراً أكبر من الانتباه. فإلى أي بلد كانت زيارة كينيدي الأولى إلى الخارج عقب انتخابه؟ لقد خصصها لفرنسا، من أجل الالتقاء مع ديغول. والأمر نفسه حدث في عهد نيكسون. أما اليوم، فقد بات الزعماء الفرنسيون ينتظرون أن يُستقبلوا في واشنطن. ولهذا، ربما ينبغي من حين لآخر رفع الصوت أكثر قليلاً – وعدم قبول كل البيانات حتى لا يفقد المرء من أهميته.