يوماً بعد آخر تترسّخ التجربة البرلمانية في دولة الإمارات وتتعمّق خبرات من يساندون الوطن وقيادته بالعمل الرقابي والتشريعي من تحت ظلال قبّة المجلس الوطني الاتحادي، الذي بات مؤسسة فاعلة في مسيرة التنمية والنهضة والإنجاز التي حققتها الدولة، وشريكاً أساسياً في إدارة دفة العمل الوطني، باعتباره السلطة الرابعة على سلم ترتيب السلطات الخمس التي نصّ عليها الدستور.
والناظر في تاريخ العمل البرلماني في دولة الإمارات، يجد أنه ليس حديثَ عهدٍ ولا مستجدّاً على هذه الأرض، ولا يعود فقط إلى تاريخ تأسيس المجلس عام 1972، فالشورى نهج متأصل في علاقة الحاكم والمحكوم، إذ مثّل مجلس الحاكم على مرّ التاريخ ملتقى لتبادل الآراء ووجهات النظر في الشأن العام، وفي كل ما يتعلّق بحياة الناس واحتياجاتهم ومتطلباتهم في حاضرهم ومستقبلهم. غير أنه تأطّر وتمأسس بشكله الحديث من خلال تأسيس المجلس وتنظيم عمله، عن طريق القوانين والنظم التي تحدد أطر اختصاصاته وحدود صلاحياته، بما يكفل تمكينه من أداء دوره بكفاءة وفاعلية، وفي إطار من التعاون والتكامل مع السلطات الأخرى. 
تطورت تجربة المجلس وتعززت منذ عهد التأسيس، الذي قاده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه، إلى عهد التمكين، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، حيث باتت المشاركة اليوم ركيزة من ركائز سياسة القيادة الرشيدة التي أرادت، من خلال ذلك التأكيد، أن يكون كل مواطن في هذا الوطن الشامخ شريكاً ومساهماً في مسيرته، وفي صياغة مستقبله في إطار الشورى وسيادة القانون.
اليوم والمجلس يختتم دور انعقاده العادي الثاني من الفصل التشريعي السابع عشر، يحق لكل إماراتي أن يُفاخر ويزهو بهذه التجربة المتفردة، التي قامت على التدرّج، بما ينسجم مع خصوصيّة البلاد وشعبها، وبعيداً عن التقليد واستيراد الوصفات الجاهزة المعلّبة، وأن يؤمن بأن السياسة الحكيمة التي اتبعتها القيادة الرشيدة في دعمها وتوسيعها آتت ثمارها الطيبة في إثراء العمل البرلماني، والانتقال به، يوماً بعد آخر، نحو آفاق أرحب تتوسع فيها المشاركة الشعبية، ويأخذ كل عنصر من عناصر المجتمع الدور الذي يستحقه ويليق به في آن معاً في المشاركة السياسية، وضمن رؤية عميقة ومتوازنة لأولويات العمل الوطني وتوجهاته.
أنجز المجلس، خلال دور انعقاده، مشروعات القوانين التي عُرضت عليه، وأسهم في حل الشكاوى والملاحظات التي وردت إليه، ومارس دوره الرقابي بتوجيه الأسئلة إلى الحكومة، ومناقشة ما يهم الوطن والمواطن، وضرب أروع الأمثلة في التعاون ما بين السلطات والعمل لمصلحة الوطن، وقام بدوره الدستوري والبرلماني على أكمل وجه، وبشكل عزز الاقتناع بخصوصية التجربة، وسلامة النهج.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية