على الرغم من إنفاق أكثر من 111 مليار دولار على رعاية صحة الأم والطفل سنوياً، تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأخيرة بين الدول ذات الدخل المرتفع في معدلات وفيات الأمهات.

وتظهر نظرة عن قرب على البيانات أن النساء السوداوات في مقدمة هذه الأرقام: فالنساء السوداوات أكثر عرضةً للوفاة أثناء الولادة أو مضاعفات الحمل بنحو مرتين أو ثلاث مرات مقارنة بالنساء البيض. لذا، فإن حل أزمة وفيات الأمهات بين النساء السوداوات أمر ضروري لخفض معدل وفيات الأمهات المرتفع بشكل مخجل في أميركا.

وأهم ما يمكن البدء به هو إقرار إجازة أمومة مدفوعة الأجر. وتعد الولايات المتحدة الدولة الوحيدة ذات الدخل المرتفع التي لا تضمن أي شكل من أشكال إجازة الأمومة مدفوعة الأجر. وفقط 20% من العاملين في القطاع الخاص حصلوا على إجازة مدفوعة الأجر في 2020، وذلك للتعافي من مرض أو إصابة.

وحصل 8% فقط من العمال من فئة الربع الأدنى من الأجور على إجازة عائلية مدفوعة الأجر في 2020، مع انخفاض احتمالية حصول السود والإسبان على وظائف تتمتع بإجازة مدفوعة الأجر. لكن فترة ما بعد الولادة حاسمة بالنسبة لصحة الأم، حيث تحدث 40% من وفيات الأمهات في الولايات المتحدة في الأسابيع الستة التالية للولادة.

وما يقرب من 20% من الحالات تحدث بين ستة أسابيع وسنة بعد الولادة. لذا فإن الإجازة مدفوعة الأجر ضرورية للسماح للأمهات بأخذ الوقت اللازم للتعافي من الولادة. والبيانات تؤكد ذلك، حيث وجدت دراسة تقارن بين سياسات الإجازة مدفوعة الأجر وغير مدفوعة الأجر في أستراليا والسويد والنرويج والولايات المتحدة وكندا ولبنان، أن سياسات الإجازة الأطول مدفوعة الأجر ترتبط بنتائج أفضل لصحة الأم. وعاينت دراسة أخرى آثار استبدال 12 أسبوعاً من الإجازة غير مدفوعة الأجر في النرويج بإجازة مدفوعة الأجر لمدة 16 أسبوعاً، حيث وجدت تحسينات طويلة الأجل في صحة الأمهات بعد إدخال الإجازة مدفوعة الأجر، خاصة بين النساء ذوات الدخل المنخفض. أما البيانات الخاصة بالولايات المتحدة فهي محدودة، لأن الإجازة مدفوعة الأجر هنا نادرة، وقد ركزت معظم الدراسات على آثارها على وظائف المرأة أو صحة الرضيع، بدلا من صحة المرأة. ومع ذلك، أظهرت دراسة في كاليفورنيا تحسناً في الصحة العقلية للأمهات الجدد بعد دخول الإجازة المدفوعة حيز التنفيذ هناك في عام 2004. من دون إجازة مدفوعة الأجر، غالباً ما تعود الأمهات إلى العمل قبل أن يتمتعن بصحة جيدة للقيام بذلك، مما يؤدي إلى مضاعفات صحية بعد الولادة. وتعود 23% من النساء العاملات في الولايات المتحدة إلى العمل في غضون 10 أيام من الولادة. وهذا يترك القليل من الوقت للزيارات الطبية. وتتضمن رعاية ما بعد الولادة النموذجية في الولايات المتحدة فحصاً واحداً فقط بعد ستة أسابيع من الولادة، وتتجاهل ما يصل إلى 40% من النساء حتى هذا الموعد. وهذا في حين أن قانون الإجازة العائلية والطبية لعام 1993 يضمن 12 أسبوعاً من الإجازة غير مدفوعة الأجر لبعض العمال، فإن 56% فقط من العمال مؤهلون للاستفادة منه، وغالباً ما تذهب الإجازة غير مدفوعة الأجر دون استخدام. وليس من المستغرب أن ثلثي العمال الذين يأخذون إجازة غير مدفوعة الأجر يواجهون صعوبة في تغطية نفقاتهم، ونتيجة لذلك يعود 27% منهم إلى العمل مبكراً. ويقع هذا العبء بشكل خاص على الأمهات السود، حيث إن أربعةً من كل خمسة هن من فئة الأم المعيلة، فكيف يعيش المعيلون وأسرُهم أثناء حصولهم على إجازة عائلية أو إجازة مرضية؟ لقد تمت صياغة سياسات الإجازة غير مدفوعة الأجر لدعم فكرة قديمة عن الأسرة، فكرة يدعم فيها الأب الجميع. لكن ليس هذا ما تبدو عليه معظم العائلات اليوم. وعدم الاعتراف بهذا يقوض صحة الأم، خاصةً في مجتمعات السود والملونين، وهو أحد الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة أكثر دولة غنية تواجه فيها الأمهات الجدد مخاطر صحية مستديمة. وتتوفر حالياً العديد من الخيارات لوضع سياسات قوية للإجازة مدفوعة الأجر، من قانون الأسرة في مجلس الشيوخ إلى خطة العائلات الأميركية لدى إدارة بايدن. وسينشئ قانون الأسرة برنامجَ تأمين وطني للسماح لجميع العمال، بغض النظر عن حجم الشركة، بالحصول على إجازة تصل 12 أسبوعاً، مع الحصول على 66% من الأجور الشهرية. وبالمثل، تتضمن خطة العائلات الأميركية بنداً من شأنه إنشاء برنامج إجازة وطنية مدفوعة الأجر لمدة 12 أسبوعاً. غير أن الإجازة مدفوعة الأجر لن تحل بمفردها أزمة وفيات الأمهات من ذوات الأصول الأفريقية. لذلك نحتاج أيضاً إلى حلول أخرى، كتلك الواردة في قانون صحة هؤلاء الأمهات في سوق العمل لعام 2021، والذي يتناول صحة الأم في مجتمعات الأقليات.

*مؤسسة ورئيسة الجمعية الوطنية للمساواة .

ينشر بترتيب  خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»