ليس أجمل من ذلك التكريم الذي يقرع بابك، وتخرج لتفتح له من دون أن تتعكز على عصا خريف العمر، جميلة ولو كانت وردة واحدة على شباك المبدع والمختلف والوطني والعامل بصدق، بدلاً من إكليل ورد يودع بتراخٍ على شاهد قبره، سرعان ما يذوي من الوحشة والشمس الحارقة، ما أجمل أن نتذكر، ونذكر، ونقول شكراً لأناس كثر، هنا.. وهناك! ما أجمل أن تكون تلك الكلمة مغلفة بعلم الوطن، كوسام أو قلادة تستقر على الصدر، محاذية جهة الشمال، هناك حيث خفق القلب عاملاً، وفاعلاً من أجل الناس والوطن!
جميل أن نفرح بتكريم رواد عملوا بصمت، وأخلصوا، واتخذوا دور المبادر، وأنجحوا أفكاراً كانت هائمة في الطرقات، وأصلحوا نفوساً كانت تتجاذبها الأهواء، وشقوا لنا طريقاً في البحر يبساً، وقالوا لنا: اعبروا باتجاه أحلامنا.. باتجاه أحلامكم، نقول لهم في حياتهم، لا بعد مماتهم: نحن نتذكركم، ولم ننسكم، فشكراً.. فتكريمكم، تشريف وشرف لنا!
هذا التكريم الذي يمكن أن يشبه قطرة ماء بارد في حرقة العطش، يمكن أن يكون بمثابة يدٍ حانية تربّت على كتفك حين شدة التعب، يمكن أن يكون كنشيد الوطن حين يرعد الجسد، ويلبسك حلة من الكبرياء، وتاجاً من ظفر، التكريم يمكنه أن يكون كجناحي ملاك يعضدانك حين تخور بك القوى، وأقدام الرحيل، يكفي أن التكريم من التكرم والكرم، والتفضل والفضل، لكن لا تفاضل بين يدٍ أعطت، ويدٍ شكرت، كلاهما في الميزان سواء!
التكريم يكفي لو جاء بكلمة دافئة مع دقات القلب، هي شكراً، يكفي لو كانت تلويحة باليد من بعيد، تعني ما قصّرت، قصر دونك الشر، يكفي لو جاء مانعاً للسقوط أو رافعاً من الأرض، فالضعف الإنساني يولد الشرور، ويذهب باتجاه الكآبة حين يُنسى المنتج، ويُتناسى المبدع، ويترك وحده مع صدى صدره أو مع أيامه الخريفية المتساقطة، وحده التكريم في الحياة يخجل النفس، ويحضها على فعلها الدائم، الحب، ويجعلها كما كانت أبداً أمّارة بالخير والفعل.
إن الإمارات اليوم، وهي تخطو وثّابة باتجاه المستقبل، وفي سبيل نهضة مستدامة، ورقي حضاري، لا تتنكر، ولا تنسى، ولا تتجاهل، ولا تنشغل، عن تكريم الرائد والطليعي، وعن شكر العامل، والثناء على المبدع، وتحفيز المنتج، والأخذ بيد الصغير حتى يكبر، والجاهل حتى يتعلم، والمريض حتى يبرأ من أجل عافية المجتمع، وصلابة الوطن، وخير الناس.