في الإمارات تبدو العلاقة بين الإنسان والإنسان كما هي العلاقة بين الجذر والأرض كما هي العلاقة بين القلب والجسد، كما هي العلاقة بين السماء والنجوم، كما هي العلاقة بين المحيط والزعانف.
في الإمارات تسير الأشياء بحكمة الوفاء، وفطنة الانتماء وشيمة الارتواء، وقيمة الأصل في بناء مجتمع متكاتف، متصالح مع نفسه، منسجم في نسيجه، لا تعكره غمة، ولا تكدره نقمة، إنها الجداول التي تمضي في غضون الأشياء وتمنحها البريق، وتهديها جمال الطلعة، وروعة السمعة، ولقد سعت بلادنا دوماً في ترصيف العلاقة بين كل شرائح المجتمع من دون حواجز، أو نواجز، هي تمهد الطرق الوعرة، وتمسح الكلمات الناتئة من سبورة الحياة، وتبذل الجهد من أجل استعادة ما ضاع في الطريق، لتصبح الوجوه كما هي في أصل طبيعتها، وليصير التناغم بين النوتات الاجتماعية مسألة في غاية الأهمية، لهذا السبب نجد أصحاب الهمم يشقون دروب الحياة بيسر، ولا تصادفهم عقبات، ولا تعرقلهم كبوات، لأنهم يعيشون في وطن المياه العذبة، والعلاقات السائلة، لأنهم لا ينتظرون المساعدة، بل هم يلقون الحوافز، والأيدي المتشابكة من أجل الوصول إلى الضفة الأخرى من المحيط، والعبور إلى قارات المجد من دون سؤال أو مد يد الاستغاثة، فهؤلاء الذين نصفهم بأصحاب الهمم، إنما هم سواعدنا القوية التي تأخذنا إلى حيث يكمن الظفر، وحيث يتم تحقيق الأهداف السامية هؤلاء هم أضلاع الوطن المكتفية بذاتها، القائمة على دفع العجلة من دون غبن أو شجن هم لنا في الزمان جناح الطير، وجذر الشجرة، ودلاء الماء، هم كل ذلك لأنهم يملكون الطموحات، ولا يحتاجون إلا إلى المصابيح التي تكشف لهم الأسرار، والإمارات وضعت على عاتقها مسؤولية التكاتف، والتآلف، والسير قدماً نحو الغايات الكبرى معاً، ومن دون التفاتة إلى الوراء، من دون البحث عن لغة تسد ثغرات أبجدية القناعات الراسخة من أنه لا مجال اليوم لوضع قواميس للتعريف بمعنى أصحاب الهمم، فهم أنفسهم فسروا، فتحوا القاموس، وشرحوا المعنى، وفهموا المضمون، واستطاعوا أن يقولوا كلمتهم عند منصات التفوق، وتصدر المشهد الإنساني بقوة ولباقة.