تولي دولة الإمارات العربية المتحدة القطاع الصحي أولوية كبيرة، وذلك من خلال تقديم خدمات رعاية صحية تتسم بالجودة والكفاءة، وتستند إلى معايير الدقة والسرعة، لضرورة ذلك في حماية أرواح الناس، وترسيخ سلامتهم، وحفظ حياتهم. ومن ضمن الخدمات الصحية التي تركز الدولة عليها في سياساتها الصحية، تأخذ الصحة النفسية حيّزًا كبيرًا من تلك السياسات، لأهميتها في إيجاد أفراد ومجتمعات متوازنة ومؤهلة لخوض تجاربها الحياتية، أيًّا كان نوعها، باقتدار وقوة.
وفي دلالة على فاعلية سياسات الصحة النفسية، حقّقت الدولة إنجازًا جديدًا تمثّل في إعلان هيئة التصنيف البريطانية «لويدز ريجستر» حصول الإمارات على المرتبة الأولى عالميًّا في نيل شهادة «الآيزو» في إدارة نظام الصحة والسلامة النفسية للعاملين، وذلك بحصول «مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية»، ممثَّلة بمستشفى «الأمل للصحة النفسية»، على شهادة معتمدة لتطبيق المعيار القياسي الدولي (ISO45003:2021) لإدارة الصحة والسلامة النفسية، الأمر الذي يعزز ريادة الدولة ومكانتها التنافسية، ويتوّج الجهود المؤسسية بشأن الالتزام بتطبيق أفضل المعايير والممارسات العالمية في مجال حماية صحة الموظفين والمتعاملين وسلامتهم.
وفي سياق متصل، وانطلاقًا من أهمية ضمان بيئة عمل صحية ونفسية آمنة على المستويات كافة، أطلقت وزارة الصحة ووقاية المجتمع و«مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية» أخيرًا تطبيق «نحن نهتمّ» الذكي، لتأمين الرفاهية الجسدية والنفسية للكوادر التمريضية، من خلال توفير تقنيات رقمية تسهّل عليهم عملية التواصل فيما بينهم، وتمكّنهم من مشاركة قصص نجاحهم، والاحتفاء بإنجازاتهم، والتواصل مع إداراتهم لرفع المقترحات والشكاوى وتتبّعها. والأهم من ذلك كله، توفير الدعم النفسي ومراقبة لياقتهم الصحية، بما يعزز كفاءة المنظومة الصحية الساعية إلى تطوير أداء العاملين، وتقديم خدمات صحية مستدامة، وإحداث نقلة نوعية في إطار دعم وتمكين المرضى ببرامج علاجية وتوعوية متخصّصة.
لقد عملت الدولة، بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، على تعزيز منظومة الأمن الصحي للعاملين في القطاع والمتعاملين معه، من خلال مجموعة من التشريعات والإجراءات التي أسهمت في توفير خدمات رعاية صحية متطورة، وذلك لتحقيق المستهدفات الواردة في «السياسة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية»، وأبرزها تعزيز فاعلية الجوانب القيادية في مجال الصحة النفسية، وتطوير نطاق خدمات الصحة النفسية لتكون شاملة ومتكاملة ومستجيبة للاحتياجات، بما يعزز وقاية أفراد المجتمع من الاضطرابات النفسية، وينشئ خدمات نفسية مجتمعية، تشتمل على التوعية والرعاية والدعم المنزلي، ويسهم في جعل العلاج النفسي جزءًا لا يتجزأ من الصحة العامة للأفراد، بحيث لا يعود وصمة عارٍ اجتماعية، وإنما ضرورة لحفظ سلامتهم وكرامتهم من أي مساس أو أذىً.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية