عندما يصبح الوطن شجرة عامرة بالثمار الحيّة، تصبح مؤسساته مثوى القوارير ومأوى للعيون التي في طرفها دمعة حزن، وموئلاً لحشاشة قلوب مزقها فراق، أو أرهقها انشقاق، أو أسغبها ظلم، أو أتعبها ضيم، أو نالها ضنك.
هذه هي مؤسسة دبي لرعاية النساء، ترخي ظلالاً من المودة، على رؤوس ألهبتها شموس التعنت والتزمت، وأحرقت أعشابها براكين بؤس، ونحس، ورجس، وبخس.
المرأة التي يخرج من بين ذراعيها البنون، والبنات، وهي التي تنبت عند ضواحيها سنابل الحاضر، وأشجار الغد، تستحق أن تكون في مهد الرعاية، والعناية، والحماية، والدراية، تستحق أن تحظى بهذا الشمل المعبّق بالحب المضمخ بعبير الدفء، تستحق أن تكون ما بين الرمش والرمش، لمعة وليس دمعة، تستحق أن تكون في معطف المشاعر، مرناً وليس حزناً، المرأة هي الساكن، والمتحركة هي الثبت، والمتحول في أشجان أي مجتمع، وعند تصطدم بعقبة الجحود يختل توازن الدنيا، وتميل كفة الميزان إلى حيث تهوي الطيور الجريحة، وحيث تتلاشى الكائنات المهمّشة، وحيث تغمض الغيمة عينها عن تضاريس الصحراء، وتنثني جذوع السامقات، وترتخي أغصان الباسقات، وتتصحر الوهاد والوديان، وتبوء محاولات التقطير بالفشل الذريع، حيث المرأة هي السكب، وهي الحدب، وهي الكسب، وهي العناقيد وهي الرطب، المرأة في التاريخ بلقيس، وفي الجغرافيا أُمٌ رؤوم، ما تجف منابعها لسبب من الأسباب، تنوء الأرض بأحمال الشقاء، وتئن النواصي من فيض غباء، وتظل الغافيات على الأرض كأنها أحبال اكتواء.
المرأة التي تتولى مؤسسة دبي لرعاية النساء، مسؤولية الدفاع عن حقوقها، واحتضانها، ودفع الأذى عنها، وكف الضيق والكدر عن كاهلها، هي المرأة الأُم، والأخت، والزوجة، والحبيبة، هي تلك المضغة التي تجري في تلافيف الوجود وهي تلك حواء التي أزهرت حقول آدم، وأدمنت السهر على مهده، ومنحته الحب مسبوكاً بحليب النجاة من الهلاك، هي تلك المرأة إذا اشتكى من الرجل عضو، تداعت له بالسهر والتعب، ملبية صيحة الآه، مستجيبة للأنّات، بقلب ملؤه العطف، واللطف، ومن عمرها تهديه عمراً، ومن ريعانها تمنحه شباباً، ومن جمالها تعطيه كياناً، ومن فرحتها تحقنه سعادة، لكل ذلك استحقت المرأة كل هذا التفاني، والتضحية، وفاءً من هذه المؤسسة القديرة، وانتماءً إلى وطن الحب الكبير.