كشف اجتماع مجموعة السبع في المملكة المتحدة عن مبادرة البنية التحتية الرئيسية للبلدان الأقل دخلاً. يطلق عليه مشروع «إعادة بناء عالم أفضل» وتدعمه الولايات المتحدة. يُنظر إلى المشروع على أنه المضاد لـ «مبادرة الحزام والطريق» الصينية التي تبلغ تكلفتها عدة تريليونات من الدولارات، والتي تمتد لتشمل عدة بلدان. وتعتبرها الدول الغربية محاولة صينية لتعزيز نفوذها ووجودها في جميع أنحاء العالم.
ليس هناك شك في أن الصين برزت ببطء كقوة جديدة في العالم ومع استمرارها في الصعود، فإنها تعيد تشكيل النظام العالمي. وتبحث مجموعة الدول السبع عن طريقة للرد على صعود الصين، حيث يُنظر إلى مشروع «إعادة بناء عالم أفضل» باعتباره إحدى الطرق لإعطاء البلدان بديلاً عن الصين في مجالات تطوير البنية التحتية وغيرها.
على الرغم من أن الصين لم تكن في قمة مجموعة السبع، فمن الواضح أنها أصبحت محط تركيز المجموعة، التي اجتمعت في الوقت الذي يستمر فيه الوباء في تدمير أجزاء مختلفة من العالم بدرجات متفاوتة. ستركز هذه المبادرة التي تقودها الولايات المتحدة، وفقاً للمعلومات المتاحة، على أربع قضايا رئيسية، والتي تشمل تعبئة رؤوس أموال القطاع الخاص في مجالات المناخ والصحة والأمن الصحي والتكنولوجيا الرقمية والمساواة بين الجنسين. وستكون المبادرة عبارة عن شراكة بنية تحتية قائمة على القيم وذات معايير عالية وشفافة تقودها الديمقراطيات الكبرى للمساعدة في حصر متطلبات البنية التحتية في العالم النامي والتي تزيد تكلفتها عن 40 تريليون دولار، والتي تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19.
سيتم نشر المبادرة من أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي إلى أفريقيا إلى منطقة المحيط الهادئ الهندية، بهدف تغطية البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في جميع أنحاء العالم.
من الواضح أن المبادرة ستأخذ في الاعتبار أيضاً المعايير البيئية ومعايير العمل، وهي أمور اتُهمت الصين باتباع نهج متساهل فيها. ومع ذلك، فإن المحصلة النهائية هي أن «مبادرة الحزام والطريق» التي، على الرغم من تعرضها لانتقادات لدفع البلدان الأصغر لأن تكون محملة بالديون، هي مبادرة يتم تنفيذها منذ أكثر من ثماني سنوات حتى الآن. هناك مشاريع متعددة في مراحل مختلفة من التطوير يتم تنفيذها في بلدان مختلفة منذ إطلاقها في عام 2013. وقد تضمنت الخطط الصينية الطموحة مبادرات تنموية واستثمارية تمتد من آسيا إلى أوروبا وما وراءها. وقد وقعت أكثر من 100 دولة بالفعل اتفاقيات مع الصين لبناء مشاريع في مجالات تتراوح من السكك الحديدية والموانئ والطرق السريعة إلى البنية التحتية الأخرى.
يرى الكثيرون في ذلك محاولة لإعادة إنشاء طريق التجارة القديم «طريق الحرير» الذي يربط الصين بآسيا وأوروبا وما وراءهما.
تنطلق مبادرة «إعادة بناء عالم أفضل» التي تقودها الولايات المتحدة من البداية، ومن ثم يبقى أن نرى كيف تتطور. لكن هناك شيء واحد مؤكد وهو أن التحالفات الجيوسياسية الجديدة تأخذ شكلا أكثر وضوحاً. من الواضح أن الولايات المتحدة تبحث بشكل متزايد في التجمعات متعددة الأطراف لتشكيل أجندتها التي تشمل العمل مع البلدان ذات التفكير المماثل بما في ذلك الهند.

تضم مجموعة الدول السبع الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا واليابان. وينبغي النظر إلى هذه المبادرة في سياق مجموعات أخرى مثل «منتدى الأمن الرباعي»، وهو تجمع يضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند. كان هذا التجمع قد عقد مؤخراً قمة على مستوى القادة حيث قرروا التعاون في عدد من القضايا بما في ذلك العمل معاً لتوفير مليار جرعة لقاح لمكافحة كوفيد بحلول نهاية عام 2022. كما أكدوا التزامهم بتعزيز نظام قائم على قواعد حرة، ومتجذر في القانون الدولي لتعزيز الأمن والازدهار ومواجهة التهديدات لكل من منطقة المحيط الهادئ الهندية وخارجها. يوضح هذا كيف أن التجمعات متعددة الأطراف تتعاون بشكل متزايد للعمل في مبادرات مختلفة.
ومع ذلك، فإن مبادرة مجموعة السبعة توفر بدائل لمختلف البلدان. في جنوب آسيا، وقعت العديد من الدول باستثناء الهند على «مبادرة الحزام والطريق». فقد رفضت الهند أن تكون جزءاً منها، ويتمثل أحد الجوانب الرئيسية للمبادرة الصينية في أن بكين تسعى أيضاً إلى تشكيل حوكمة الصحة العامة العالمية.
وسط هذه التحركات الجيوسياسية، أكد رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أثناء مشاركته في جلسة التوعية الأولى للقمة، على أهمية إيجاد حل «جماعي» للتحديات الصحية العالمية. يأتي هذا على خلفية التوزيع غير العادل للقاح، حيث يحتفظ العالم المتقدم بجزء كبير من اللقاحات بينما تعاني البلدان الأصغر والأفقر.

مرت الهند للتو بموجة ثانية مدمرة من الجائحة، فقدت خلالها العديد من الأرواح مع انتشار الفيروس من المناطق الحضرية إلى المناطق الريفية. ظل اهتمام الهند الرئيسي هو توافر اللقاحات، ومن ثم دعا «مودي» إلى نهج «أرض واحدة، صحة واحدة»، الذي يهدف إلى الوحدة والتضامن بين دول العالم للتعامل مع الوباء. ونقطة أخرى أبرزها هي أن تظل المواد الخام اللازمة لتصنيع للقاحات متاحة. تؤكد الهند على أهمية سلاسل التوريد المفتوحة للمواد الخام والمكونات الخاصة باللقاحات للمساعدة في تعزيز إنتاج اللقاح في دول مثل الهند. 
مرت الهند للتو بموجة ثانية مدمرة فقدت خلالها العديد من الأرواح مع انتشار الفيروس من المناطق الحضرية إلى المناطق الريفية. ظل اهتمام الهند الرئيسي هو توافر اللقاحات، ومن ثم دعا مودي إلى نهج «أرض واحدة، صحة واحدة»، الذي يهدف إلى الوحدة والتضامن بين دول العالم للتعامل مع الوباء.