أعلنت إيران فوز «إبراهيم رئيسي»، رئيس السلطة القضائية، بالانتخابات الرئاسة الإيرانية التي جرت في 18 يونيو الجاري خلفاً للرئيس الحالي حسن روحاني الذي سينهي فترتين رئاسيتين قضاهما في المنصب، مدة كل منهما أربع سنوات. وكان «رئيسي» قد خسر الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2017 أمام روحاني الذي فاز بدورة رئاسية ثانية، بينما لم يحصل رئيسي إلا على 38 في المئة من أصوات الناخبين.

وفي أول بيان صحفي له بعد إعلان فوزه رسمياً بنتائج الانتخابات الرئاسية، صرّح رئيسي بأنه «سيشكل حكومة ثورية مناهضة للفساد، وسيكون خادماً لجميع الإيرانيين، حتى للذين لم يصوتوا له أو لم يشاركوا بالانتخابات الرئاسية لأي سبب من الأسباب».
لا تؤدي الانتخابات الإيرانية إلى تغيير جذري في المشهد السياسي الإيراني، فالتنافس الانتخابي رغم المسميات المتباينة بين مرشح محافظ وآخر معتدل وأحياناً إصلاحي.. لا تخرج عن نطاق المؤمنين بولاية الفقيه حسب الاشتراطات الدستورية، أما الآخرون فهم خارج اللعبة الانتخابية من الأساس، بل يتعرضون للقمع والإقصاء. لذا لا تعكس المصطلحات السياسية المستخدمة في توصيف الاتجاهات السياسية للمرشحين الإيرانيين ذات التوصيف في المجتمعات الأخرى التي ترسم حدوداً فاصلةً وواضحةً بين الاتجاهات السياسية للمرشحين.

فالتنافس الانتخابي في إيران يجري في الواقع ضمن فئة واحدة فقط، بحكم الديناميكية التي تدار بها العملية الانتخابية هناك، فهندسة المشهد «الانتخابي» التي يديرها مجلس صيانة الدستور لفلترة المرشحين تؤدي إلى غياب التنافس السياسي الحقيقي وإلى السيطرة الفعلية على مفاصل العملية الانتخابية، وبالتالي تنعدم مفاجآت صناديق الاقتراع وتصبح العملية شكليةً وتغدو النتيجةُ محسومةً منذ البداية.

فقبل انطلاق الانتخابات أعلن ثلاثة مرشحين من أصل سبعة تم اختيارهم من قبل مجلس صيانة الدستور انسحابهم، وكان قد سجل للانتخابات حوالي 600 مرشح بينهم 40 امرأة، ووافق مجلس صيانة الدستور على ترشح 7 فقط من بين 40 توفرت فيهم شروطه الأساسية. ومنذ البداية ظهر لمتابعي الشأن الإيراني أن قيادة النظام حسمت خياراتها في رسم نتائج الانتخابات الرئاسية، وقبل موعد الاقتراع، لصالح مرشح واحد بغض النظر عن الموقف الشعبي.

لكن نظراً لأهمية حجم المشاركة الشعبية في الانتخابات في ما يتعلق بشرعية النظام والخوف من ضعف الإقبال، دعا المرشد الأعلى الإيرانيين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، قائلاً إن «ثمة وسائل إعلام معادية لإيران تسعى إلى تشويش أذهان المواطنين وجرهم لمقاطعة الانتخابات»، وذلك بعد أن تصدرت حملة «لن أصوت» وسائل التواصل الاجتماعي في إيران داعيةً إلى مقاطعة الانتخابات. واستباقاً لضعف المشاركة الشعبية المتوقعة، قال مجلس صيانة الدستور: إن الانتخابات ستكون ذات شرعية ولو كانت نسبة المشاركة منخفضة، أي أن النظام سيكتفي بقانونية وشرعية النتائج.
وعوداً على بدء، بين رئيس «إصلاحي» وآخر «محافظ»، هناك مصطلحات إعلامية وأدوار سياسية تقتضيها مصلحة النظام الإيراني لإيران في الفترة الحالية، داخلياً وخارجياً. فالفترة الراهنة بتحدياتها الداخلية والخارجية تقتضي رئيساً «محافظاً»، خاصة أن أركان النظام لا يتغيرون، بل يتنقلون بين المناصب.