بلدة أناملها من ذهب، وقريحتها من خصب، تسري في الأنام كسريان الدم في القلب، شريعتها من كتب، كلماتها لا تقضب، ولا تشحب، إذا تأملت المنجزات فيها تراك تنظر إلى قطعة من صخب، ترنو إلى الطافيات على التراب الأبي، فتخلبك النواصي والنخب، تأخذك إلى سماوات علاً، وإلى هامات السحب، تأخذك وأنت المعنى مزمَّلاً بالدهشة، وأشواق الطرب، فهذه إماراتك، هذه دار زايد الشهم، في الدنا له صولة الأفكار النجب.
هذه إماراتك، جواد شاخت له كل الدروب، وأناخت النوق طوال العنق والسنام بلا حجب.
هذه إماراتك سيدي، يا ابن الترائب والصلب، كيف لا ترقى، كيف لا تنهض وهي الشفاه ترشف من ماء عذب، هي الرضاب في الحياة هي خير السكب، لا تسألني عن شغفي ولا تسألني عن سغب، فالإمارات في الضمير شيء من حنايا، وشيء من رحب، عندما ترنو العين إلى فيافيها، تراها تعشى من رهب، لأن الساقيات جداول ولأن الراخيات غصون، من رطب، ومن نخلة جادت، وجودت، فما أعقبها سوى طموحات كؤوسها لا عطب، خذ بناصية المعاني، واكتب لها رسائل من وجدان لا يخب، ولا ينكب، لأنه من بدء الخليقة سيدي، يسري، ويثب، ويثيب كل من يجود بعرفان، وكل من لا يخب، هي هكذا بلادي، لها أيدٍ تفيض بالعطاء، وتهب، هي نهر، هي نحر، هي فجر، يشقشق قماشة الوجود ولا يجب، هي هكذا بلادي يدٌ تعطي، وأخرى تصب، والمد مداداً، في الحياة لونه لون العشب، قشيب، رحيب، جزيل في الترب.
بلدة قريحتها التداوي في الود والحب، لا تشوبها شائبة، ولا يغشيها نكب، لأنها في العالم خصلة فياضة على جبين الشهب، لأنها فاصلة، في الجملة، ونقطة عند آخر القطب، لا تفصل ولكنها توصل، وفي الوصال لها سيرة، وكتب.
بلدة قريحتها ريانة، جذلانة، ملآنة هيفاء لا ترتخي للعتب، هي في المسير طير الفضاءات العلا، هي مع الساريات، صديقة الدرب والرجب، وهي حلم الغافة، وطموح النخلة هي سفر التكوين في الأدب، هي طارقة قارعة، هي نفرة، هي سحر الجاثيات في المقدمات لا العقب، هي فكرة في عقل السماء هي لحظة الانتماء إلى النجب، هي ساحة مفتوحة إلى التاريخ منذ بدء الكتابة ومنذ تشرعنت الكتب، ومنذ أن فتحت السماء صحائفها ومنذ أن نسقت الأنامل مجدول الخطب، وسارت بريعان مشيتها تبغي معالي العجب.