ــ «في ناس يظلون يمشون «سيدا» لين يلقون جداراً أو ظل حائط، وبعدها تعال شوف، اللي يريد يتعكز عليه، واللي يريد أن يتجاوزه، لأنه ليس مبلغ طموحه، واللي يريد أن يهديه سواء السبيل، واللي يريده يوصله لمبتغاه آخر الليل، واللي يتمنى أن يمشي جنبه دائماً، ليكون سليماً معافى من المسؤولية، واللي ما يصدق أصلاً أنه لقي شيئاً يسنده أو يسند عليه ظهره، وحدها المرأة شعارها مخالف للآخرين، لأن ظل الرجل عندها، ولا ظل الحيطه»!
ــ لم أر مثل ذلك التجانس والتآلف بين الحداثة والتقليدية، لا في الأدب والثقافة، ولا في فن العمارة، ولا في المدارس الفكرية والنقدية، مثل ما أراه متجسداً عند بعض الشباب، وهم يمازجون بين «الكندورة والكاب»، حتى غدت موضة لا يمكنهم منها الفكاك، وأخشى مع الزمن أن تصبح التقليعة تقليداً، ويصبح المستحدث واقعاً مفروضاً، في زمن الطيبين كان الواحد يمكن أن يظهر بوزار ومقصر، ويرضف على كتفه وزاراً ثانياً، لكنه يُقدّر رأسه ويتعمم، وسقوط العمامة أو العقال في حضرة الرجال عند العربي، يعني وصول الحالة إلى الدم، فالعمائم تيجان العرب، ورمز رجولتهم، اليوم بعض شبابنا فرّطوا في تلك التيجان، واستعاضوا عنها بـ «كاب» إفرنجي، لا يمت لهم، ولا للكندورة بصِلة، بحيث تجده كما يقول المثل الشعبي، والقول مقلوب: «من تحت هالله.. الله، ومن فوق يعلم الله»، فأي «كاب» سيعتزي له أولاد عطران الشوارب إن سقط ذلاً أو امتهاناً، ما هزري بتسمع منهم إلا كلمة: «كوووووول»!
ــ بعض الناس تجده مضطرباً، ذا هلوسة غير طبيعية، وليس لها تبريراً عقلانياً، بحيث لو تعطل أي شيء في سيارته، تقول: «مثل واحد مانس عوق في خاصرته أو ونين من أحد ضلوعه» ويظل يتوجع بدلاً من سيارته، ولا ترد له «حاسيته وصحته» إلا إذا ظهرت من الكراج سالمة، وتشتغل مع أول دَقّة «سِلْف»!
ــ يا الله.. لو تشوفون الناس هالأيام عند خيام فحص الكورونا، تقول بيضوي عليهم العيد باكر، وكله علشان «إشارة المرور الخضراء»، وبعضهم شكلهم أول مرة يشوفون الشمس منذ أن حلّ وباء كوفيد، تراهم فتشعر أنهم للتو خرجوا من كهفهم، وما قادرين «يبرجون» في الشمس، وطبعاً «فيتامين دي» مضروب، وواصل آخر درجته عندهم، الغريب أن الذين كانوا يرهبون من ذلك «المسبار» الخشبي والقطني، ويخشون أن يحك أمخاخهم من خلال أنوفهم، حين جربوه لأول مرة، وثاني مرة، أصبح الأمر عادياً ومستساغاً، و«أثر كل الحِيّة هي التعود»، ولما جربوا تعودوا!