أبدأ مقالي بما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في تغريدة له، من أن «انتخاب دولة الإمارات.. يجسد ثقة العالم في السياسة الإماراتية، وكفاءة منظومتها الدبلوماسية وفاعليتها».
وقد فازت دولة الإمارات بعضوية مجلس الأمن الدولي، ممثِّلةً لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ للفترة 2022-2023. ويمثل هذا الفوز إبرازاً لمكانة الدولة ودورها المحوري ونجاح دبلوماسيتها الدولية الرامية للإسهام في تحقيق الأمن والسلم الدوليين. وقد أكد محللون على أهمية انتخاب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة للإمارات عضواً في مجلس الأمن، وهو ما حدث بالتزامن مع الذكرى الخمسين لتأسيس الدولة في عام 1971. وهذه الخطوة تشكل تتويجاً لـ«الدور الإقليمي للدولة، وللجهود الدؤوبة التي تبذلها لنشر أجواء التسامح والاعتدال في منطقة الشرق الأوسط».
حضور الإمارات كعضو غير دائم في مجلس الأمن سيتيح لها دفع جهود التسوية في ملفات عدة داخل المنطقة وخارجها؛ لا سيما الأزمات في اليمن وسوريا وليبيا، والسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ودعم الاستقرار في العراق. 
إن الفوز بمقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي يحتاج إلى جهد وتحرك دبلوماسي حثيث يسبق موعد التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بفترة طويلة، أي إلى إجراء اتصالات دبلوماسية بأعضاء الأمم المتحدة، وما يتخلل ذلك من اجتماعات ومداولات وزيارات لوفود الدول التي ستحضر التصويت للعمل من أجل تأمين العدد الكافي من الأصوات للفوز، لجهة وجود منافسين على المقعد. وقد حصلت دولة الإمارات على 179 صوتاً، أي بزيادة 51 صوتاً على العدد المطلوب للفوز، وهو عدد مرتفع للغاية.
وهناك دول عديدة تسعى إلى عضوية مجلس الأمن الدولي من خلال مجموعاتها القارية. وهذه العضوية، وإن كانت لمدة عامين وغير دائمة، فإنها ذات أهمية خاصة لأية دولة تطمح إلى تعزيز تاريخها الدبلوماسي في الأمم المتحدة.
دولة الإمارات برصيدها الأممي المتراكم، لها دالة على منظمة الأمم المتحدة، لا سيما بصفتها عضواً مشاركاً بفعالية في مهام قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام. ولنا أن نسجل مشاركة القوات المسلحة الإماراتية حت راية الأمم المتحدة لحفظ السلام بقبعات زرقاء وصل عددها 750 جندياً ضمن «عملية الأمل» في جمهورية الصومال. وإلى جانب مهامها الأمنية قامت قوات الإمارات بنشاطات إنسانية مثل إقامة العيادات المتنقلة وحفر آبار المياه. كما شاركت القوات المسلحة لدولة الإمارات في عملية حفظ السلام في كوسوفو والبوسنة والهرسك، وبفعالية تحت مظلة الأمم المتحدة، وأنجزت هناك أيضاً أعمالاً إنسانية مشهودة، وبمشاركة الهلال الأحمر الإماراتي أقامت مستشفيات متنقلة كما قامت بترميم البيوت والمساجد والمدارس المتضررة من الحرب الأهلية. 
كما شاركت القوات المسلحة الإماراتية ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في أفغانستان، خاصة في العمليات اللوجستية، إلى جانب النشاط الإنساني بمساعدة الهلال الأحمر الإماراتي، حيث عملت على تقديم المساعدات الإنسانية، وكان ذلك موضع تقدير الحكومة الأفغانية.
مشاركة القوات المسلحة الإماراتية في مهام قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام سجلت دوراً مميزاً من خلال تفردها بالأعمال الإنسانية وبمشاركة هلال الأحمر الإماراتي، إلى جانب مهامها العسكرية، حيث أضافت عنصر «التدخل الإنساني» في مهام قوات الأمم المتحدة.
الإمارات لديها حمولات متعددة ذات بعد عالمي وخاصة فيما يتعلق بالمشاركات الإنسانية وبأدوارها المشهودة في مكافحة جائحة «كوفيد-19» عبر تزويد عدد كبير من الدول بالأجهزة الطبية واللقاحات والمواد الغذائية. لذلك أثنت منظمة الصحة العالمية على هذا الجهد الإنساني، وصرّحت بأنه يمثل أكبر المساعدات الإنسانية التي تلقتها المنظمة. وفي هذا السياق ما فتئت دولة الإمارات تضاعف تعاونها الدولي من أجل ضمان التعافي العالمي من تداعيات جائحة كورونا.
 
*سفير سابق