تحفظ «أور سوفولا» قواعد خدمة طلب ركوب سيارة عن ظهر قلب: لا تخرج في وقت متأخر للغاية. لا تنزل من السيارة عند عنوانك الحقيقي، حتى لا يتمكن السائق من تحديد مكان منزلك. افحص صندوق السيارة قبل أن تبدأ الرحلة. تقول «سوفولا»، رائدة أعمال في لاجوس، «لا أدخل إلا بعد التأكد من أرقام اللوحات، ولا أجلس أبداً في المقعد الأمامي كي لا أتعرض للتحرش»، مضيفة أنها تظل متيقظة ولا تنشغل بهاتفها المحمول. «دائماً ما أتأكد من مشاركة رحلتي مع شخص ما».
تشهد صناعة سيارات الأجرة ازدهاراً في أفريقيا، يغذيها عمالقة عالميون مثل «أوبر» والوافدون الجدد المحليون مثل «بيك مي اب» Pickmeup. ولكن مثل العديد من النساء في جميع أنحاء العالم، تدرك «سوفولا» تماماً التقارير التي تفيد بوقوع أخطاء في الرحلات، من السرقة إلى التحرش الجنسي إلى الاعتداء -وفي كثير من الحالات، كما تقول، يبدو أنه لا توجد عقوبة للسائقين. ولكن في حين أن كبرى شركات خدمات الحجز الإلكترونية تعد بشن إجراءات أكثر صرامة، تبدأ بعض النساء في إيجاد حل آخر ممكن لضمان سلامة الراكبات: سيدات لقيادة سيارات الأجرة للنساء.
تعد خدمة «اوبزي كابس» (Ubiz Cabs)، على سبيل المثال، هي أول خدمة سيارات عند الطلب في كينشاسا عاصمة جمهورية الكونجو الديمقراطية، ومن الصعب تفويتها. تتنقل سيارات الأجرة ذات اللون الوردي الزاهي ذهاباً وإياباً في الشوارع المزدحمة في العاصمة الكونجولية. وخلف عجلة القيادة، تجلس شابات، يرتدين الزي الرسمي باللونين الوردي والرمادي ويعتنين بجميع أنواع العملاء: توصيل النساء إلى العمل، وتوصيل الأطفال المدارس، وفي بعض الأحيان، تسليم الطرود.

تعد «منصة المرأة أولاً»، هذه من بنات أفكار «باتريشيا نزولانتيما»، التي تقول إنها تهدف إلى إعادة صياغة صورة جمهورية الكونغو، بعيداً عن سمعتها المليئة بالصراعات -جزئياً، من خلال النهوض بالمرأة. قامت سابقاً بتأسيس مركز السيدات العاملات Working Ladies WIA Hub، وهي شبكة حاضنة للشركات المملوكة للنساء. وتعد خدمة «أوبزي كابس»، هي استجابة للعديد من المشاكل: فهي توفر للنساء وظيفة مستقرة في صناعة يهيمن عليها الذكور، وتحافظ على سلامتها أثناء وجودها.
على الرغم من عدم وجود أرقام رسمية فيما يتعلق بالاعتداءات المرتبطة بالسيارات المسجلة في البلدان الأفريقية، سجلت جنوب أفريقيا وحدها أكثر من 42000 حالة اغتصاب في 2019-2020. وفي نيجيريا، زادت أعداد الإبلاغ عن الاعتداءات خلال الوباء. قد تكون الرحلات المخصصة للسيدات فقط جزءاً من الحل، على الرغم من أنها لا تعالج جميع الأسباب العميقة. هل وجود سائقة مركبة يعني السلامة؟

لاحظت نزولانتيما أنه في المطارات في جوهانسبرج، جنوب أفريقيا، أو نيروبي، كينيا، يمكن للمسافرين حجز سيارات الأجرة والعودة إلى ديارهم بسرعة. ولكن عندما عادت إلى منزلها في كينشاسا، كان المشهد الذي استقبلها هو الأجانب الذين يبحثون عن أماكن للنوم على الأرض، لأنه لم تكن هناك سيارات أجرة موثوقة متوفرة في المطار.

فكرت «نزولانتيما» في أن «الطرق كانت غير آمنة، خاصة بالنسبة للنساء. فماذا يمكنني أن أفعل؟ وكيف يمكنني حل مشكلة نقص النساء في صناعة النقل؟»
بعد ثلاث سنوات، تقوم خدمة «أوبزي كابس» بتدريب أكثر من 100 موظف جديد، العديد منهن من شباب الخريجين. السيارات مزودة بأزرار الذعر وأنظمة تحديد المواقع العالمي (GPS) التي تساعد شركة الأمن الشريكة على تتبع جميع السائقين في حالة الطوارئ، على غرار إجراءات السلامة التي تطبقها شركتا «أوبر» و«بولت». تنهي السائقات نوبات عملهن في المساء ويحل السائقون الذكور مكانهن خلف عجلة القيادة - وهو إجراء احترازي إضافي لسلامة الموظفين، على الرغم من أنه يعني أنه لا يمكن للعملاء في وقت متأخر من الليل أن يجدن سائقة.
تقدمت «روث نسيندولا» خريجة حديثة، قبل عامين بطلب للعمل بعد أن شاهدت إعلاناً على فيسبوك عن «اوبزي كابس» وانتقلت منذ ذلك الحين إلى الشركة، هي الآن تقود السيارة. عندما تقود سيارتها، يكون روتينها بسيطاً: في السابعة صباحاً، تبدأ في اصطحاب زبائن منتظمين وبعض الوجوه الجديدة. في الخامسة مساء، تسلم السيارة لزميلها وتتوجه إلى المنزل.
تؤكد نسيندولا أن التقدم للوظيفة لم يكن قراراً سهلاً. كونك سائقة ليس هو القاعدة في جمهورية الكونغو. ومع ذلك، أقنعها الراتب الشهري البالغ 300 دولار وبروتوكولات السلامة بخوض التجربة.

وهي تقول: «أشعر براحة كبيرة في مهنتي كسائقة على الرغم من أنها عموماً مهنة يمارسها الرجال في هذا البلد. عندما يكتشف العملاء أن امرأة خلف عجلة القيادة، فإنهم يشعرون بالثقة والأمان. أشعر أيضاً بمزيد من الأمان مع تثبيت أجهزة (GPS) في جميع السيارات: في حالة حدوث مشكلة، يمكنهم تحديد موقعي بسهولة».
إنها ثورة وردية في كينيا أيضاً. في عام 2016، أطلقت شركة «ليتل» لتوصيل سيارات الأجرة خدمة «ليدي باج» (Lady Bug)، مع أسطول من السائقين من النساء فقط، لا يقبلن إلا العملاء الإناث أثناء الرحلات في وقت متأخر من الليل.
وهناك أيضاً خدمة مماثلة في كينيا، وهي «آن نيسا»، والتي تحمل النساء والأطفال فقط.
كما أن الأمور تتغير، وإن كان ذلك ببطء، في جنوب أفريقيا. أطلقت «بولت» خدمة في العديد من المدن في أواخر العام الماضي تسمح للراكبات باختيار سائقات من الإناث.
ومع ذلك، لا يعرف جميع الراكبين عن مثل هذه الخدمات. باستثناء جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث «أوبزي كابس» هي الخيار الوحيد للتسجيل الإلكتروني، فإن خدمات ركوب سيارات أجرة تقودها النساء هي أقل شهرة.

صحفية متخصصة في البيئة وحقوق الإنسان والهجرة والنزاعات
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»