جمهورية المالديف عبارة عن أرخبيل من الجزر يضم 1192 جزيرة مرجانية صغيرة في جنوب آسيا، وتشتهر بسواحلها الاستوائية ومنتجعاتها الراقية. واقتصاد البلاد قائم على السياحة التي تشكل 67% من الإنتاج المحلي الإجمالي للمالديف. والبلاد تواجه صعوبات منذ فترة في اقتصادها ولم تستطع تعويض العائدات التي فقدتها بسبب الاضطرابات التي تعرضت لها السياحة.

ورغم أن الأرخبيل صغير لكنه يمثل دولة مهمة استراتيجياً بسبب موقعها في المحيط الهندي. وقطعت البلاد طريقاً وعرة حتى وضعت نظام حكم ديمقراطياً. ففي عام 2012، أطيح بمحمد نشيد، أول رئيس منتخب ديمقراطياً للبلاد. ومرت البلاد بأزمة تلو أخرى حتى عام 2013 حين فاز عبد الله يمين في رابع محاولة بالانتخابات الرئاسية. وعبد الله يمين هو شقيق لمأمون عبد القيوم الذي حكم المالديف لمدة 30 عاماً بنظام حكم وصفه كثيرون بالاستبداد. وأثناء فترة ولايته، عزز الرئيس عبد الله يمين التواصل مع الصين متجاهلاً العلاقات القوية لبلاده مع الهند. وتم مكافأة الصين بعدد من تعاقدات الإنشاءات في غمرة معارضة قوية من المعارضة. وفي مرحلة ما، أصبحت الاحتجاجات في الشوارع من الأمور المألوفة.

وفي انتخابات 2018، فاز زعيم المعارضة إبراهيم محمد صُلح بمعظم الأصوات، وأدى اليمين الدستورية رئيساً جديداً للبلاد بينما اُنتخب الرئيس السابق محمد نشيد في منصب رئيس البرلمان المالديفي. وأعاد الزعيمان سياسة المالديف التي تعطي للهند أولوية.

والشهر الماضي، وقعت محاولة اغتيال لمحمد نشيد. وطالبت البلاد بمساعدة دولية للتحقيق في الهجوم بالقنابل الذي جعل الرائد الديمقراطي والناشط في مجال المناخ يحتاج إلى جراحة استمرت 16 ساعة لإزالة الشظايا من الصدر والبطن والأطراف. وذكرت تقارير أنه استغنى الآن عن أنظمة الإعاشة. والمثير للدهشة أن الاستخبارات وأجهزة الأمن المحلية لم تستطع توقع هجوم على شخصية بارزة مثل نشيد. وفي غمرة هذه الاضطرابات، تكافح المالديف مثل دول كثيرة أخرى في المنطقة جائحة كوفيد-19. والبلاد لم تسلم من المشكلات السياسية، لكنها تشهد حالياً بعض الاستقرار السياسي وتعزز صورتها باعتبارها مقصداً سياحياً أساسياً. وفي الوقت الذي تكافح فيه جنوب آسيا للإسراع بخطى برنامج توزيع اللقاحات، يتقدم الأرخبيل المسيرة بإعطائه 59% من السكان جرعة واحدة من اللقاح وتحصينه 32% من السكان بشكل كامل.

ولتوضيح أهمية هذا، دعنا ننظر إلى سريلانكا التي أعطت 6.3% من السكان جرعة واحدة من اللقاح والنسبة في نبيال تبلغ 4.8% وبنجلادش حصنت 2.5% من السكان بالكامل. ويأتي بطء توزيع اللقاحات في جنوب آسيا نتيجة مزيج من العجز في اللقاحات وبطء انتشار البرنامج في غمرة التردد نحو تعاطي اللقاحات. وسجلت المالديف 67950 إصابة و185 وفاة و48086 شخصاً تعافوا من الإصابة من الفيروس. وفرضت الحكومة حظراً لمدة 16 ساعة يستمر خلال شهر يونيو على الأقل رغم تسجيل البلاد أسرع انتشار للفيروس الشهر الماضي. والحالات الجديدة في المالديف انخفضت إلى 648 إصابة الأسبوع الماضي نزولاً من 1299 حالة قبل ذلك بأسبوع. وفي مؤشر على الطريقة التي تتحرك فيها البلاد قدماً في برنامج اللقاحات وافقت على استخدام عاجل للقاحات موديرنا ويانسن في الآونة الأخيرة. وبموجب القواعد الطبية المنظمة، أجازت هيئة الأغذية والعقاقير في المالديف استخدام لقاحي موديرنا ويانسن ليصبحا خامس وسادس لقاح من اللقاحات المستخدمة في برنامج توزيع اللقاحات في البلاد. ووافقت الهند المجاورة، على سبيل المثال، على ثلاثة لقاحات حتى الآن.

والمالديف، مثل الدول الأخرى في جنوب آسيا، ستصبح أيضاً من متلقي اللقاحات في البرنامج الأميركي للتبرع باللقاحات على مستوى العالم. والمالديف لا تمضي إلى الأمام وتتقدم على جيرانها في هذا المضمار فحسب، لكنها أشارت أيضاً أنها ستعطي في المستقبل أي فائض من اللقاحات للسياح في مسعى للترويج للسياحة التي تضررت بسبب الجائحة. وسياحة اللقاحات أصبحت من الأمور التي تلوح في الأفق لكنها لم تبدأ بعد. واقتصاد المالديف قائم على السياحة لكنها تعرضت لعراقيل بعد وضع حظر على السياح القادمين من جنوب آسيا مع إدراج هذه المنطقة ضمن «القائمة الحمراء» للمملكة المتحدة، مما يعني أنه حتى بعد فتح حدود بريطانيا فإن المالديف لن تصبح من المقاصد السياحية للبريطانيين.

وأعلنت الحكومة أيضاً، دون أن تحدد إطاراً زمنياً، أنها ستقدم لقاحات عند وصول السياح في مسعى لإنعاش قطاع السياحة في البلاد الذي تضررت بسبب الجائحة. وفي مؤشر على هذه لاستراتيجية، تم تحصين 90% من العاملين في السياحة في خطوط المواجهة. والحكومة تطلق على هذه الاستراتيجية «الزيارة واللقاح والعطلة». وتتوقع البلاد أن يتعافي قطاع الاقتصاد والسياحة في غضون عام. المالديف ستعطي في المستقبل أي فائض من اللقاحات للسياح في مسعى للترويج للسياحة التي تضررت بسبب الجائحة.