«حلم الغبار».. آفة يحدّها الالتزام بالإرشادات الزراعية

إبراهيم سليم (أبوظبي) 

تنفذ هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية استراتيجية متكاملة تهدف إلى الحفاظ على الأمن الحيوي الزراعي في مزارع إمارة أبوظبي، وذلك بتطبيق عدة برامج متكاملة تعنى بشجرة النخيل، لما لها من أهمية في الاستدامة الزراعية والموروث الحضاري لإمارة أبوظبي، وأيضاً أنها ركن أساسي في المحافظة على البيئة، وداعم أساسي للأمن الغذائي.
وأكدت إمكانية السيطرة على آفات النخيل بطرق آمنة بيئياً، ومتوافقة مع تعليمات الإدارة المتكاملة للآفات، لتلقيل الضرر الاقتصادي للآفة والتلوث البيئي، والمحافظة على النظام البيئي من الاستخدام العشوائي للمبيدات الزراعية، وبالنظر لأهمية عنكبوت الغبار، وما سببه خلال السنوات الأخيرة من ضرر اقتصادي للتمر، جاءت هذه التوعية الفنية والإرشادية لتسلط الضوء على آفة حلم الغبار.
ونظمت الهيئة ورشة عن بُعد تناولت مظاهر الإصابة والكشف والوقاية والمكافحة لآفة حلم الغبار على نخيل التمر، والتعرف على أهمية الآفة الاقتصادية، والتعرف على الآفة ودورة الحياة، والتعرف على مظاهر الإصابة، وآلية إدارة الآفة وطرق المكافحة، نظراً للأهمية التي تتمتع بها النخلة، والتي لا تمنع الآفات الحشرية والحيوانية من مهاجمتها والفتك بها. 
وبينت أنه في دولة الإمارات العربية المتحدة يصيب النخلة عدة آفات تنقسم إلى مجموعتين: «آفات رئيسة (Key Pests) عالية الضرر الاقتصادي، لأنها تصيب الساق مباشرة هي حفار الساق ذو القرون الطويلة وحفار العذوق وسوسة النخيل الحمراء، وآفات ثانوية (Secondary Pests) متوسطة الضرر الاقتصادي تصيب الثمار، مثل دودة البلح الصغرى (الحمرية)، الدوباس، وعنكبوت الغبار، والحشرة القسرية، والأرضة، ومرض خياس طلع النخيل، وحشرة خنفساء طلع النخيل، والحلم الكاذب والأيريوفي، والدبابير، والبق الدقيق، والطيور والقوارض.
وأشارت الورشة إلى انتشار هذا الحلم في جميع مناطق زراعة النخيل في العالم، حيث يعد مشكلة في جميع الدولة المنتجة للتمور.. ويختلف عن الحشرة بكونه ليس له قرون استشعار وأجنحة وجسمه مقسّم إلى منطقتين هما المنطقة الفكية والمنطقة الجسمية، كما أنه يمتلك أربعة أزواج من الأرجل، ويتراوح طوله بين (0.2 - 0.3 ملم)، وينتقل من نخلة إلى أخرى بوساطة الانتقال بالحركة خصوصاً بين النخيل المتشابك، عن طريق حمل الرياح لحبيبات التراب التي يكون الحلم ممسكاً بها، بوساطة أرجل الدبابير، وتزداد شدة الإصابة في أعوام الجفاف، حيث تضع الأنثى من 20 - 25 بيضة، ومدة الجيل من 8 - 12 يوماً.
وبينت الورشة أن حلم الغبار يستطيع أن يتغذى على مرحلتين من الثمار الكمري والخلال، ولا يستطيع التغذي على الحبابوك أو الرطب، وأن الضرر الأشد تأثيراً على الثمار هو أنه يفرز نسيجاً عنبكوتياً كثيفاً على المثار والعذوق والشماريخ، ما يسبب تجمع وتراكم ذرات الغبار والأتربة والحشرات الميتة عليها، بحيث يصعب إزالته، حيث يعمل هذا النسيج على عرقلة العمليات الفسيولوجية للثمرة، بالإضافة لإحداثه ظلاً على الثمار يؤخر من تلونها ونضجها، وتصبح القشرة سميكة.
وأشارت إلى عدم صلاحية الثمار المصابة للاستهلاك البشري، فلذلك تقدم كعلف للحيوانات أو تترك على أشجار النخيل، ما قد يسبب تفاقم المشكلة في السنوات اللاحقة، ويعد من أهم الآفات التي تسبب مهاجمتها لثمار النخيل خفضاً كبيراً للمحصول كماً ونوعاً، وقد تسبب الإصابة الشديدة خسارة 100% من قيمة المحصول، حيث تصبح الثمار غير صالحة للاستهلاك الآدمي، إلا أن التمور المصابة تتشقق وتتصلب ويصبح ملمسها خشناً ولينياً ولونها أحمر بنياً، وتمتص كل مراحل تطور الحشرة عصارة الثمار، خاصة في طور الحبابوك والخلال، ما يسبب عدم اكتمال نموها، وعلى الرغم من وجود الغبير في جميع مناطق زراعة النخيل، إلا أن الإصابة الشديدة والوبائية التي تحدث سنوياً تكون في السنوات الجافة التي يشتد فيها هبوب الرياح.

أخبار ذات صلة

خيول «ياس» تخوض تحدي «دنكويست» و«دجبيلا» في فرنسا

ريكاردو يقود «جوليفر راش» في «كأس الوثبة» بالبرازيل

دورة الحياة
وبينت الورشة أن الأنثى الواحدة تضع 20 - 25 بيضة كروية على الشماريخ والثمار، ويفقس البيض بعد ثلاثة أيام إلى يرقات خضراء فاتحة تتغذى لمدة يومين قبل انسلاخها إلى حورية، وفترة حياة حلم الغبار من 10 - 12 يوماً عند درجة حرارة ثابتة 35 ْم ورطوبة 50%،  لهذه الآفات ستة أجيال متداخلة على النخيل، وقد تصل إلى 10 - 12 جيلاً، وأن التغذية بالامتصاص على الخوص والسعف الطري في قلب النخلة في شهر ديسمبر إلى فبراير، حيث تمتص جميع الأطوار عصارة الثمار بطور الحبابوك والجمري والخلال من جهة القمع وعلى امتداد طول الثمرة بشكل خطوط، ما يسبب تشقق الثمار، وتصبح غير صالحة للاستهلاك. وأوضحت الورشة أن الحلم من الآفات الثانوية التي يمكنها أن تبقى متوازنة بإعدادها مع أعدائها الطبيعية تحت الظروف البيئية المناسبة، ولكن سرعان ما تتحول هذه الآفة إلى آفة رئيسة عندما يحدث اختلال بمعادلة التوازن التي تعد المبيدات عاملاً أساسياً مسؤولاً عنها، فلقد أثبتت البحوث بأن مبيدات الحشرات تتسبب في: زيادة الكثافة العددية للحلم، حيث لوحظ أن المبيدات الفسفورية العضوية والكلورينية والكاربماتية تطيل من عمر الإناث وتزيد من درتها في وضع البيض، وتعمل المبيدات الحشرية على قتل الأعداء الحيوية للحلم، فيكون بذلك طليقاً من أعدائه، مما يسهل زيادة أعداده، كما تعمل مبيدات الحشرات على فك تجمعات الحلم المحصورة على الأوراق نتيجة لإثارها وقتل الأعداء الحيوية، حيث يسبب ذلك انتشار الحلم على مساحة أكبر على النبات، مما يوفر له غذاء كافياً ينعكس في بناء سكان أكبر. وبينت الورشة أن عنكبوت الغبار كان قبل عدة سنوات آفات ثانوية، ولكن نتيجة لتكرار رش المبيدات الحشرية على النخيل لمكافحة الآفات أصبحت هذه الآفات مهمة جداً، وذات تأثير اقتصادي على النخيل، ما يتطلب رسم سياسة ملائمة واستراتيجية متكاملة لمكافحتها.

الإدارة المتكاملة للآفات
بينت الورشة أن الإدارة المتكاملة للآفات، عبارة عن نظام متكامل لإدارة التعامل مع الكثافة العددية للآفة، عبر استخدام عدد من الطرق المتوافقة، بيئياً واقتصادياً، والتي تؤدي إلى تقليل كثافة الآفة والحفاظ على مستويات وجودها على المحصول دون مستوى الحد الاقتصادي الحرج مع استخدام المبيدات كخيار أخير، والمنع والحد من وصول الآفة للنخلة، هذا يشمل الطرق الزراعية: مثل التخلص من بقايا التكريب والعذوق حراثة وتقليب التربة، ومسافات الزراعة، والتسميد، والنظافة العامة، مثل جمع الثمار المصابة وإتلافها، وإدارة المياه مثل كمية وموعد الري، واستخدام التغطية والمصائد، والاستكشاف والمراقبة والفحص المستمر للمحصول، والتعرّف ومراقبة الآفة باستخدام المصائد. وأشارت إلى  أن مكافحة للآفات من خلال وسائل مباشرة، للتطبيق الآمن والسليم للمبيدات والتركيز المتتاليين، ومكافحة حيوية وكيميائية، وإدارة المقاومة
بالعمليات الزراعية (وقائية)، وحددت وسائل غير مباشرة مثل صيانة وتشجيع الأعداء الحيوية والتسميد، والري.
ولفتت الورشة إلى طرق المكافحة الزراعية، وذلك بالزراعة على مسافات مناسبة تسمح بالتهوية الجيدة تسمح بدخول الضوء وحرارة الشمس التي تقتل الكثير من أفراد الحلم، وإزالة العذوق القديمة وبقايا الأغاريض الزهرية والجريد القديم والليف، والتركيز على نظافة وخدمة النخلة من خلال إجراء عملية التكريب من حين لآخر، لأن التكريب يساعد على التخلص من الحلم. وإزالة الفسائل، وجمع الثمار الموجودة في أباط السعف والثمار الساقطة على الأرض وداخل الفسائل، والتي تحمل معها الحلم عند سقوطها ووضعها بأكياس محكمة الأغلاق والتخلص منها بطرق سليمة. وأكدت الورشة أن وجود إصابة في النخيل القريب من مزرعة أو بيت في الموسم المنصرم يحتم الانتباه أكثر لكون الحلم سهل الانتقال إلى المزرعة عند بداية الموسم الجديد. وبينت الورشة أن التعامل مع هذه الآفة يحتاج إلى دقة ملاحظة وخبرة، حيث إن اكتشاف الإصابة في بدايتها يحقق حماية للشجرة، خاصة عندما يكون النسيج الحريري الكثيف غير موجود، إذ قد يكفي الغسل بالماء الممزوج معه كمية قليلة جداً من مواد التنظيف (صابون أو تايد) لقتل أطوار العنكبوت المختلفة. ودعت إلى استخدام المبيدات الخفيفة أولاً، مثل الكبريت الزراعي أو الكبريت الميكروني الذي يمكنك رشه في قلب النخلة قبل ظهور الإصابة (أي شهر مارس وأبريل)، أو إذا كانت هناك إصابة في الموسم الماضي يجب رش النخيل رشة شتوية أو تعفير لقتل الإناث المشتية، حيث يتميز الكبريت بكونه يقتل مباشرة عن طريق بخاره أو تحوله إلى ثنائي أوكسيد الكبريت بالأكسدة أو كبريتيد الهيدروجين بالاختزال، أو يتحول إلى حامض شديد السمية.