يوم الجمعة الماضي تعامل شرطيان بكل مهنية واحترافية مع مرتكب جريمة في دبي كان في حال هستيرية بالغة، وسيطرا عليه وسلماه ليمثل للعدالة واستدعيا فرق الإنقاذ لإسعاف الضحية والمساندة لاستكمال الإجراءات القانونية المتبعة، وقبل انقضاء 48 ساعة على الواقعة كانا أمام القائد العام لشرطة دبي اللواء عبدالله خليفة المري ليكرمهما لأدائهما المتميز والمستوى الرفيع من التعامل مع الموقف.
تكريم فوري ينطلق من ثقافة التكريم والتقدير التي تحرص قيادتنا الرشيدة على نشرها باعتبارها من عوامل إذكاء المنافسة بين طواقم وفرق العمل للتميز في الأداء وتعزيز الولاء المؤسسي.
ومن خلال متابعتي للعديد من مواقع العمل الحكومي لاحظت أن المؤسسات الشرطية والعسكرية الأكثر تبنياً والتزاماً بثقافة التكريم الفوري، والدوري المتمثل في الالتزام بمواعيد العلاوات والترقيات الدورية. 
بالمقابل هناك دوائر ومؤسسات مدنية تتوه في دهاليزها الترقيات وتتجمد لصغار الموظفين بينما تمضي في مواعيدها وبوتائر متلاحقة للحلقات الخاصة والدرجات العليا معززة بنفحات «البونص» الذي تطرب له النفسيات وتأنس.
بعض مديري الدوائر والأقسام لا يستكثرون لموظفيهم العلاوات والترقيات وحسب وإنما حتى الكلمة الطيبة البسيطة المشجعة والمحفزة. نشر الإيجابية والتفاؤل من أبسط الأمور التي لا تحتاج سوى الكلمة الجميلة والابتسامة، وأثرهما عميق في النفس ولها مفعول السحر عند كل إنسان. 
موظف في إحدى الجهات كان في غاية السعادة لتطبيق العمل عن بُعد بسبب جائحة كورونا لأنه - وكما قال- لم يعد يرى وجه مديره المباشر المكفهر دائماً والذي كان يضن عليهم حتى بتحية الصباح، ويبث القلق والسلبية في بيئة العمل. أمثال هذا الموظف تزيد إنتاجيتهم بعيداً عن مكهربي الأجواء ممن لا يعرفون من أبجديات العمل سوى بصمة الحضور والانصراف.
بيئات العمل اليوم اختلفت كثيراً عن ذلك النمط الغارق في البيروقراطية الذي يريده بعضهم لنا، بعد أن أصبحت الكثير من الجهات تتبنى مبادرات تقود إلى جودة الأداء والوصول إلى مرحلة إسعاد المتعاملين الذين سعدوا أكثر بالأداء الذكي والتطبيقات الذكية الخاصة بالجهات والدوائر الحكومية وحتى المؤسسات الخاصة.
لعل أسوأ المديرين ذلك الذي يتعامل مع موظفيه بأنهم في مؤسسته الخاصة وليسوا في جهة رسمية لديها لوائحها وقوانينها بل ويحجب عنهم معرفة ما لهم وما عليهم، لذلك كان من المهم تنظيم الورش التعريفية، ولنتذكر دائماً تلك المقولة التاريخية «أعطِ الأجير حقه قبل أن يجف عرقه» قبل قرون من ظهور «الموارد البشرية» ومظاهر التكريم.