الجميع يحب الألعاب الأولمبية، باستثناء عندما تكون الدولة المضيفة في خضم جائحة. ولسوء حظ حكومة اليابان أنه ليس لديها الحق لتقرر ما إذا كان سيتم إلغاء دورة الألعاب الأولمبية الثانية والثلاثين. وفي حين أن طوكيو يمكنها من الناحية النظرية إلغاء الدورة الآن، أي شهرين قبل الموعد المعاد جدولته، فإن المدينة ملزمة تعاقدياً بالمضي قدماً في الاستضافة. ومع ارتفاع حالات «كوفيد-19» مرة أخرى، وخضوع أجزاء من البلاد (بما في ذلك طوكيو) لحالة الطوارئ الصحية وانخفاض معدلات اللقاح، فليس من المستغرب أن 59% من اليابانيين يقولون إنه يجب إلغاء الحدث.
لكن تلك الأصوات الصاخبة المعارِضة للحدث تقتصر إلى حد كبير على اليابان. وفي الوقت نفسه، أشار «سايكو هاشيموتو»، رئيس اللجنة المنظمة لألعاب طوكيو 2020، إلى أنه على الرغم من أن عدد الأشخاص الذين يأتون لحضور هذا الحدث قد تم تخفيضه من 180.000 إلى 80.000، «فإن عدداً كبيراً من الأشخاص يشعرون بعدم الارتياح بشأن إقامة الألعاب وحضور الكثير من الناس من الخارج». لكن ليس لديهم الخيار، كما قال رئيس الوزراء «يوشيهيدي سوجا» لأعضاء لجنة برلمانية في وقت سابق من هذا الشهر. وعلى الرغم من أنه «لم يضع الأولمبياد في المقام الأول»، فإن اللجنة الأولمبية الدولية لها الكلمة الأخيرة. وهذا منصوص عليه في عقد اللجنة الأولمبية الدولية مع مدينة طوكيو.

لذا فإن الطريقة الأكثر ترجيحاً لإيقاف الألعاب ستكون من خلال تسوية تفاوضية تشمل اليابان وطوكيو واللجنة الأولمبية الدولية. 

من السهل تفسير الإصرار على المضي قدماً على أنه مدفوع بأموال الرعاية. وهذا بالتأكيد جزء منه، لكن ليس كله. في الواقع، تتكون اللجنة من 103 أشخاص «ليسوا مندوبي بلادهم في اللجنة الأولمبية الدولية». ولا تشبه هذه اللجنة الأمم المتحدة، حيث تحصل كل دولة على مقعد في الجمعية العامة. وإذا تم تعريف الديمقراطية على أنها صوت واحد، وأمة واحدة، فإن اللجنة الأولمبية الدولية بالتأكيد ليست ديمقراطية. بعض الدول لديها ثلاثة أعضاء في اللجنة، مثل الصين والولايات المتحدة وسويسرا، والبعض الآخر له عضو واحد أو عضوان، وبعضها لا يوجد على الإطلاق (مثل نيجيريا وماليزيا).

وبدلاً من أن يدار هذا الهيكل التنظيمي من قبل مجموعة من الدبلوماسيين المهنيين، تركز العضوية على المسؤولين الرياضيين، وأكثر من ثلثهم هم أولمبيون سابقون. نظراً لأن الألعاب الأولمبية تهدف إلى تجاوز السياسة، فقد يكون من الأفضل فصل القضايا الجيوسياسية الوطنية والدولية عن جوهر عملية صنع القرار في اللجنة الأولمبية الدولية.
وبدلاً من ذلك، تم تكليف هؤلاء الأعضاء الـ103 للحركة الأولمبية بتعزيز نزاهة الرياضة. كما أن لديهم صلاحية منح الاعتراف بالمكونين الآخرين للأولمبياد، وهما اللجان الأولمبية الوطنية (وعددها 206)، والاتحادات الدولية التي تمثل 46 رياضة مختلفة في ألعاب هذا العام. وتتضح وجهة النطر هذه التي تتجاوز الموقف السياسي من حقيقة أن هناك 13 عضواً وطنياً في الحركة الأولمبية أكثر من عدد أعضاء الأمم المتحدة.
ألغت اللجنة الأولمبية الدولية خمس ألعاب من قبل، ثلاث ألعاب صيفية ولعبتان شتوية، بسبب الحرب في أعوام 1916 و1940 و1944. وكان من الواضح في ذلك الوقت أن الدول التي أعلنت الحرب على بعضها البعض لن تكون قادرةً على التجمع معاً لمدة أسبوعين من المنافسة الرياضية الودية.
وبدلاً من ذلك، فإن ما يدفع بهذه الألعاب للبدء في 23 يوليو ليس بالضرورة إيماناً راسخاً بها، لكن بالأحرى الجمود البيروقراطي وإصرار الهيئة التنفيذية على إنجاز المهمة. أحد أكثر المؤيدين صراحة هو نائب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية جون كوتس، الذي قال إن حالة الطوارئ في اليابان وحدها لن تكون كافية لوقف الدورة. ونقل موقع «كوارتز» عن كوتس قوله في 21 مايو: «من الواضح الآن أكثر من أي وقت مضى أن هذه الألعاب ستكون آمنة للأشخاص المشاركين وآمنة لشعب اليابان». وقال «سيباستيان كو»، رئيس بطولة العالم لألعاب القوى لشبكة «سي إن إن»، إن إلغاء دورة الألعاب من شأنه «تجاهل جيل من الرياضيين الذين أمضوا أكثر من نصف حياتهم سعياً وراء هذه اللحظة».
ومما ساهم في تعكير الأجواء القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة يوم الاثنين، محذِّرةً من أنه يجب على الأميركيين تجنب السفر إلى اليابان بسبب تفشي المرض هناك. وقال مسؤول بالحكومة اليابانية في وقت لاحق للصحفيين إن واشنطن أبلغت طوكيو بأن القرار ليس مرتبطاً بالألعاب الأولمبية، ولكن بناءً على معدل الإصابة المتوقع.
وفي الواقع، لا تملك الولايات المتحدة أي سلطة لوقف الألعاب، ولا أي دولة أخرى. أكثر ما يمكن أن تفعله واشنطن هو إصدار تعليمات للجنة الأولمبية الأميركية بالانسحاب، مقاطِعةً الحدث. وسيكون هذا تحركاً محفوفاً بالمخاطر ضد حليف آسيوي رئيسي وسط التوترات المتزايدة في المنطقة، وبعد ستة أشهر فقط من استضافة الصين المنافسة لدورة الألعاب الشتوية المقبلة.
وفي الواقع، ونظراً لأن اللجان الأولمبية الوطنية تعتمد أيضاً على الألعاب لجمع أموال الرعاية وتعزيز شرعيتها، فمن الصعب تخيل أي منها يدعو إلى الإلغاء. وبالمثل، فإن الاتحادات الدولية المختلفة التي تعتمد على أكبر حدث في العالم لوضع رياضتها في دائرة الضوء العالمية والمساعدة في تعزيز المزيد من المشاركة والعضوية، لن تكون حريصة على التوقيع على أي التماسات.

*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»