تفاعل الكثير من القراء مع ما نشر في هذه الزاوية الخميس الماضي حول الارتفاع غير المبرر والزيادات المتصاعدة في أسعار مواد البناء وبالذات الحديد، نظرا لأن تداعياته وتأثيره تمس كل من شرع أو سيشرع في بناء بيت المستقبل.
كان من بين المتفاعلين مع الموضوع، والذين طالبوا بتدخل سريع في الأمر من قبل الجهات المختصة، عدد من المقاولين محذرين من تأثيرات استمرار الزيادة والارتفاع في الأسعار على مستقبل الأعمال، والذي يضعهم أمام خيارين كلاهما مُرٌّ، إما ترك المجال، خصوصاً الشركات الصغيرة وحتى المتوسطة، أو مواصلة البناء على حساب الجودة! وتحت الخيار الأخير أكثر من خط.
 تجددت التساؤلات للبحث عن إجابة للغز حول أسباب ارتفاع أسعار الحديد لعدم وجود أي ظروف طارئة أو استثنائية، خاصة أن نحو 90 بالمئة من الحديد في السوق هو من إنتاج محلي، أي لا مبرر «لوجستياً» أو ارتفاعاً بأسعار التأمين على النقل البحري ولا يحزنون، وكل -أن لم نقل الغالبية العظمى- من المقاولين يستخدمون الحديد المحلي الذي تنتجه تلك الشركة شبه الحكومية التي يفترض بها أن تصارح الناس بما يجري في السوق المحلية، ومن الذي يقف وراء ارتفاع أسعار منتجاتها، وهل هم وسطاء وسماسرة يريدون الفوز بحصة الأسد من أية قروض ومنافع إسكانية تقدمها الدولة لمواطنيها، من واقع رؤيتها لأهمية المسكن في تحقيق الاستقرار الأسري، وإدراكها أن الأسرة المستقرة دعامة المجتمع القوي والمزدهر؟
 ندرك صعوبة وضع المقاولين وكذلك الشباب المقدمين على البناء، وهم يتعاقدون على بدء التنفيذ بسعر معين ثم تباغتهم الزيادات في الأسعار بهذه الصورة المتصاعدة التي تقلب الميزانيات الموضوعة، وتضطرهم كما قلنا من قبل للاقتراض ليتحول حلم بناء بيت المستقبل إلى كابوس حقيقي بعد أن يجد الشخص الذي تعاقد على البناء بسعر1800 درهم لطن الحديد، وقد أصبح ثلاثة الآف أو 3500 درهم، مع ما يمثله ذلك من أعباء والتزامات إضافية تثقل كاهل الطرفين وبالأخص صاحب البيت.
 كنا نتمنى تدخلاً سريعاً من قبل الدوائر الاقتصادية وأقسام حماية المستهلك لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وإبعاد القلق الذي أصبح يسيطر على الكثيرين من تباطؤ العمل لإتمام بناء بيوتهم، بسبب هذه المستجدات التي لم تكن في الحسبان مع تذبذب أسعار مواد البناء، وبالأخص الحديد، المكون الأهم في مشروعات التشييد، والعنصر غير القابل للمساومة جودة ومستوى.