شهدت أسعار مواد البناء في السوق المحلية خلال الفترة القليلة الماضية ارتفاعاً غير مبرر، ولا تفسير له سوى الجشع وإصرار بعض «هوامير السواق» ممن يتحكمون في تجارتها على سرقة فرحة الإنسان ببناء بيت المستقبل، فلا هناك ارتفاع في أسعار المواد الأولية أو في حركة النقل والملاحة البحرية أو في أقساط التأمين ولا الرسوم الجمركية، ولا أي من المبررات التي اعتادوا تسويقها ليبرروا الزيادات التي شهدتها سوق مواد البناء وبالذات في أسعار الحديد. 
وبعد أن كان سعر طن الحديد العام الماضي 1800 درهم وأصبح 2400 بلغ 3100 وهو يواصل الارتفاع وقد يلامس الخمسة آلاف درهم قريباً إذا لم تتدخل الجهات المختصة، لأن هذه الزيادة ستنعكس على سعر متر البناء الذي سيعاود بدوره الارتفاع لتلك المستويات.
كل ذلك على حساب الشباب الذين شرعوا في بناء بيت العمر أو ممن هم في منتصف الرحلة التي تنغصها تلك الزيادات.
ومن هنا تجد اضطرار الكثير من هؤلاء للاقتراض للإضافة على قيمة القرض السكني لاستكمال البناء وفق رغباتهم وتصوراتهم للبيت المستقبلي.
طبعاً مثل هذه الخطوة تقوض الهدف الأساس الذي حرصت عليه الدولة من المنحة أو القرض الإسكاني، ووجهت به قيادتنا الرشيدة لتمنع الاقتراض وتساعد المواطن على بناء مسكنه وتحقق له ولأسرته الاستقرار الاجتماعي والحياة الكريمة. البعض كان يصور لنا أن المقترضين يريدون بذخاً وترفاً في البناء، ولكن الواقع ليسوا كلهم كذلك فالغالبية العظمى تتطلع لبناء بيت يلبي تطلعاتهم بحياة مستقرة كريمة خلف أسوار بيت يحقق لهم ولأسرهم الراحة والسعادة، خاصة وأنها كانت رحلة محفوفة بمتابعات مرهقة وجولات مكوكية بين «الاستشاري» و«المقاول» ومعارض ومحال بيع مواد البناء، وبالذات في مرحلة إكمال ما كانوا يعتبرونها «تفاصيل صغيرة» و«تشطيبات نهائية»، وطبعاً غير تلك الزيارات لدوائر البلديات والماء الكهرباء عند اكتشاف «خلل» يهدد بتبديد الفرحة كلها.
الأمر يتطلب من الجهات المختصة التدخل لمعالجة الوضع غير المبرر جراء ارتفاع أسعار مواد البناء، والتي أصبحت تمثل عبئاً ثقيلاً يرهق المقدمين على البناء بعد فترة انتظار ليست بالبسيطة للقرض الإسكاني، والذي جاء ملبياً لاحتياجاتهم لتوفير المسكن المناسب، ولكن لم تكن في حساباتهم هذه الزيادات المتصاعدة بوتائر متلاحقة وغير المبررة- كما ذكرنا- بسبب استقرار حركة السوق العالمية إن لم نقل تراجعها بسبب تداعيات جائحة كورونا.