قبل شهر واحد، وبعد انخفاض متواصل منذ الصعود في عدد حالات كورونا الخريف الماضي، ظل معدل الإصابات بالفيروس ثابتاً في نيبال حول 100 حالة يومياً. وكان كثيرون يتعلقون بأمل أن البلاد تجاوزت المرحلة الأسوأ في الجائحة. لكن مع بطء برامج اللقاحات وعودة آلاف العمال المهاجرين من الهند المجاورة والمتضررة بشدة، ارتفعت الحالات إلى أكثر من 2000 حالة يومياً في نهاية أبريل.
في الأيام القليلة الماضية ارتفع عدد الحالات بشدة ليتجاوز 8000 حالة في اليوم. وهي زيادة أعجزت المستشفيات بسرعة واستنفدت الإمدادات الطبية في البلد الواقع بمنطقة جبال الهمالايا والبالغ عدد سكانه 30 مليون نسمة. وفي مواجهة «كوفيد- 19» تسعى جماعات الدعم على الإنترنت لتقديم المعلومات والنصائح والمواساة والإرشاد، وقد أصبحت هذه الجماعات خطوط إنقاذ معنوية وطبية للسكان الخائفين المعزولين الذين ليس لديهم إلا أماكن أخرى قليلة يلجؤون إليها.

وقد صرّح «أنوب سوبيدي»، مدير مستشفى الطب والجراحة المتقدمة في العاصمة النيبالية كاتماندو في مقابلة عبر الهاتف أن المستشفى لم يستطع حتى استقبال المصابين الذين هم في حالة حرجة، وأن الفريق الطبي لم يستطع أكثر من وصف المسكّنات. وأضاف سوبيدي أنه ما لم تبدأ الحكومة في إقامة محطات لإنتاج الأوكسجين قريباً، فلن تستطيع المستشفيات العمل وستتفاقم الأوضاع في الأسابيع المقبلة. وفي الأيام القليلة الماضية، أعلن مسؤولون من وزارة الصحة أنه تم طلب 20 ألف أسطوانة أوكسجين من الخارج. وكثير من المستشفيات الخاصة أعلنت أنه لا يمكنها قبول المزيد من المرضى بسبب الافتقار إلى الأوكسجين. وحذّرت حكومة رئيس الوزراء «خادجا براساد أولي» في الآونة الأخيرة من احتمال استمرار تصاعد الإصابات مع انهيار النظام الطبي في البلاد تحت الضغط.

وفي العاشر من مايو الجاري كتب «أولي» في صحيفة «الجارديان» البريطانية مقالا وصف فيه الجائحة بأنها «عبء فادح»، وناشد المجتمع الدولي تقديم المساعدات لبلاده. وردد «سمير كومار»، المتحدث باسم وزارة الصحة في نيبال، تحذير رئيس الوزراء في اليوم التالي قائلاً إن الوضع «خرج عن نطاق السيطرة حالياً» وإن المستشفيات تواجه أزمة ستتفاقم في الأسابيع المقبلة. وفي واشنطن، عبّر عدد من أعضاء الكونجرس عن القلق من الأوضاع وصرّح مسؤول في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بأن نيبال تمثل في الوقت الحالي «أولوية» للمساعدات المتعلقة بفيروس كورونا، لكن لا يوجد ما يدل على مدى السرعة التي تتحقق بها هذه الأولوية. وفرضت الحكومة النيبالية إغلاقاً على امتداد البلاد وحظرت رحلات الطيران الجوي وأعلنت قواعد صارمة للتجمعات العامة. ويأتي الإغلاق بعد عودة آلاف العمال المهاجرين من الهند التي تعاني من أعلى مستويات الإصابة والوفاة بكورونا في العالم.

ولم تعزز كثرة الإجراءات الثقةَ العامة في الحكومة إلا قليلا. فهناك حالة من تزعزع الاستقرار بسبب الخصومة الحزبية، واتهامات للحكومة بعدم الاستعداد للزيادة الجديدة في عدد الإصابات. وقد خسر «أولي» في الآونة الأخيرة تصويتاً بالثقة في البرلمان، وهو يقوم حالياً بدور القائم بأعمال رئيس الحكومة إلى حين انتهاء السباق بين الأحزاب على السلطة. والعدد الإجمالي للوفيات مازال في حدود 4200 حالة. ومنذ بداية الجائحة أصيب أكثر من 422 ألف نيبالي، تعافى منهم 316 ألفاً.

لكن مع نفاد الأوكسجين والإمدادات الدوائية والعقاقير والأسرّة الطبية من المستشفيات، يتوقع مسؤولون صحيون أن ترتفع معدلات الوفيات أيضاً. ومعدل إعطاء اللقاحات المضادة لـ«كوفيد-19» في نيبال منخفض للغاية، حيث لم يتلق هذه اللقاحات إلا نحو 7.2% من السكان.

وتسعى الحكومة جاهدةً للحصول على تبرعات دولية من اللقاحات، لكن التأخر الشديد في جهود الوقاية قد لا يسمح بتحقيق فارق كبير في المستقبل القريب. وزعم كثيرون في نيبال أن الحكومة تراخت في يقظتها بعد تراجع الموجة الأولى من فيروس كورونا. وأثناء ذلك بدأ الناس يحضرون الاجتماعات الدينية وحفلات الزفاف. وسافر بعض المسؤولين إلى الهند لحضور مهرجان هندوسي كبير عقد على مراحل بين يناير وأبريل، وهو المهرجان الذي يعتبره البعض متسبباً في نشر الفيروس. وبدا الحزن واضحاً في نبرة «أولي» وهو يتقدم بطلب المساعدة من العالم قبل أيام من الآن.

وصرّح بأن حكومته تبذل أقصى ما في وسعها «لإنقاذ الناس من هذا العدو القاتل» وأن البلاد بحاجة ماسة للقاح والأوكسجين والوسائل الطبية الأخرى. لكن قبل استفحال الأزمة، نُقل عنه قوله إن الناس يمكنهم مقاومة الفيروس عن طريق الغرغرة بمغلي أوراق الجوافة. كما تعرّضت حكومته لانتقادات بسبب سماحها برحلات تسلق الجبال رغم ما ينطوي عليه ذلك من مخاطرة بانتشار أكبر للفيروس. وذكر خبراء أن الأوضاع أشد خطورة في المناطق الريفية المتاخمة للهند، وهي مناطق تقل فيها المنشآت الصحية ومعدلات إعطاء اللقاحات فيها منخفضة للغاية.

وأنشأت «سوسوبنا ريمال» (31 عاماً) جماعة دعم لمواجهة «كوفيد-19» على فيسبوك بعد أن تعافت هي وزوجها من إصابة خفيفة بالفيروس العام الماضي. *رئيسة مكتب «واشنطن بوست» السابقة في باكستان وأفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس» الأوضاع أشد خطورة في المناطق الريفية المتاخمة للهند، حيث تقل المنشآت الصحية.. أما معدلات التطعيم فهي منخفضة للغاية قبل شهر واحد، وبعد انخفاض متواصل منذ الصعود في عدد حالات كورونا الخريف الماضي، ظل معدل الإصابات بالفيروس ثابتاً في نيبال حول 100 حالة يومياً. وكان كثيرون يتعلقون بأمل أن البلاد تجاوزت المرحلة الأسوأ في الجائحة. لكن مع بطء برامج اللقاحات وعودة آلاف العمال المهاجرين من الهند المجاورة والمتضررة بشدة، ارتفعت الحالات إلى أكثر من 2000 حالة يومياً في نهاية أبريل.

الأوضاع أشد خطورة في المناطق الريفية المتاخمة للهند، حيث تقل المنشآت الصحية.. أما معدلات التطعيم فهي منخفضة للغاية.