في ذلك الزمن البعيد كنت أتسمر مع غيري من رواد المكان أمام المتحدثين في الركن الخاص بهم في حديقة هايد بارك، أكبر وأشهر حدائق العاصمة البريطانية، عندما كانت وجهتنا السياحية الأولى قبل أن تزيحها مقاصد جديدة تفوقت عليها من حيث التنوع والتسهيلات والأسعار ودفء الترحيب.
في ذلك الركن يزدحم متحدثون في قضايا شتى وعند كل دائرة تدرك من عدد المستمعين موضوع النقاش وأهميته وعلاقته بالأحداث، ورغم الفوضى والارتجال تلمس شبه اتفاق على الالتزام بآداب الحوار والحفاظ على الاحترام بدون تسفيه أو تجريح رغم شطحات أغلب المتحدثين.
اليوم روح «هايد بارك» غزتنا في عقر دورنا مع الكم الكبير من المنصات الحوارية الافتراضية تطرق عتبات خلواتنا، ولعل أشهرها «سبيس» «كلوب هاوس»، ومن يلجها يجد نفسه في فضاء متنوع من نقد تسريحات ومكياج بطلات مسلسلات رمضان إلى الأوضاع الملتهبة في الأراضي الفلسطينية وغيرها من الساحات في العديد من البلاد العربية.
تجد في منصة حواراً جاداً يديره أكاديميون رصينون سرعان ما يتسلل إليها متحدث مجهول الهوية باسم مستعار ليقلب مستوى الحوار وهو يوزع اتهاماته جزافاً ويجر الحديث نحو درك غريب لا صلة له بموضوع الجلسة.
أما على «تويتر» فتجد كتائب «الذباب الإلكتروني» المتحفزين للسب والتخوين المتخندقين خلف الأسماء والكنيات الوهمية جاهزين لصب حمم أحقادهم على ثلاثة محاور -هي دعائم نهضة أمتنا وخط دفاعها الأول، ونعني السعودية والإمارات ومصر. الثلاثي الذي أطاح بأحلام وأوهام «الإخوان» الإرهابية الخبيثة ومخططها الإجرامي للقفز إلى السلطة وقلب أنظمة الحكم في خريف الخراب الذي قوضوا فيه استقرار بلدان وسفكوا الدماء ولا زالت آثارهم الخربة شاخصة للعيان.
أمام هذه الهجمات والاستهداف، نجد البعض من شبابنا ينزلق لمستوى أو زاوية يريد أولئك المأجورون جره إليها، لذلك نذكر أنفسنا جميعاً بدعوات قيادتنا الرشيدة بضرورة الحفاظ على السمعة الجيدة والرفيعة للإمارات واسمها الغالي، والتي قال فيها فارس المبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إن «العبث والفوضى على وسائل التواصل الاجتماعي تأكل من منجزات تعبت آلاف فرق العمل من أجل بنائها، سمعة دولة الإمارات ليست مشاعاً لكل من يريد زيادة عدد المتابعين». لذلك فإن «سمعة وصورة الإمارات والإماراتي لا بد أن تبقى ناصعة كما بناها وأرادها زايد، طيب الله ثراه».