مستلقية على سريرها في المستشفى في كابول، أفغانستان، بعد أن نجت من قصف جماعة متطرفةو استهدف مدرسة «سيد الشهداء» بالقرب من كابول، أسفر- قبل بضعة أيام-  عن مقتل أكثر من 80 طالبة في مدرستها، كانت «عريفة»، التي تبلغ من العمر 17 عاماً، عازمة بقدر ما كانت خائفة.
وتعهدت عريفة، التي تأمل أن تصبح طبيبة، في لقاء مع «ريتشارج إنجل» من شبكة «إن بي سي نيوز»، قائلة: «سأواصل تعليمي، حتى لو كنت خائفة».
قد يفتقر الفتيان والفتيات الأفغان إلى الكتب والأقلام وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، لكن في تعطشهم للتعليم، لديهم الكثير ليعلموه للعالم. في الواقع، يبدو أن أحد الأمور القليلة التي يتفق عليها المتطرفون والطلاب هو القوة التحويلية للتعليم، وخاصة تعليم الفتيات.
بطريقة ما بشعة، ربما كان من المنطقي أن يفجّر الأصوليون المدرسة، لأن تعليم الفتيات يشكل تهديداً وجودياً للتطرف. لهذا السبب أطلقت حركة «طالبان» الباكستانية النار على «مالالا يوسفزاي» في الرأس. وهذا هو السبب أيضاً في قيام طالبان الأفغانية بإلقاء مواد حمضية في وجوه الفتيات.
على المدى الطويل، تشكل الفتاة التي تحمل كتاباً تهديداً للتطرف أكبر من تهديد الطائرات من دون طيار.
قالت «سكينا يعقوبي»، وهي بطلة من وجهة نظري، كرست حياتها لتعليم مواطنيها الأفغان: «الطريق إلى التغيير طويل الأمد هو التعليم. فالأمة لا تُبنى على الوظائف المؤقتة وحقوق التعدين والمقاولين والمزايا السياسية. لكن الأمم تُبنى على الثقافة والتاريخ المشترك والواقع المشترك ورفاهية المجتمع. نحن نتوارث هذه الأمور مع التعليم».
منذ 11 سبتمبر2001، نسعى نحن الأميركيين إلى دحر الإرهاب والتطرف باستخدام الأدوات العسكرية. وبينما نقوم بسحب قواتنا من كابول وقندهار، هذه لحظة للتفكير في حدود القوة العسكرية وأسباب الاستثمار في أدوات أكثر فعالية من حيث التكلفة لتغيير العالم، مثل التعليم.
بعد ما يقرب من 20 عاماً وإنفاق 2 تريليون دولار، لم يتمكن أقوى جيش في تاريخ العالم من تغيير أفغانستان. ينتقد بعض الأميركيين الرئيس جو بايدن لانسحابه من أفغانستان، لكنني أعتقد أنه اتخذ القرار الصحيح. لقد جادلت منذ فترة طويلة بأننا لا نحقق نجاحاً وأن الحرب لا يمكن أن تستمر.
لقد توصلت إلى هذا الاستنتاج بعد أن أخبرني المقاولون الأفغان في كابول، الذين كانوا يزودون القوات الأميركية بالمؤن، أنه مقابل كل 1000 دولار كانت أميركا تدفعها لهم، كانوا هم يدفعون 600 دولار لـ«طالبان» كرشاوى للمرور عبر نقاط التفتيش. ولدعم جندي أميركي واحد في مقاطعة هلمند، كان المقاولون يدفعون لحركة «طالبان» ما يكفي من الرشاوى لتوظيف 10 رجال لمحاربة ذلك الأميركي.
ومع ذلك، في حين أن أطول حرب تشنها أميركا لا يمكن تحملها، يجب أن نتذكر التزاماتنا. يجب علينا تسريع إصدار تأشيرات لما يقرب من 17000 مترجم ومساعد أفغاني وآخرين، ممن كانوا يعملون مع الولايات المتحدة، والذين سيكونون في خطر عندما تختفي قواتنا. وإلا فستكون أيدينا ملطخة بدمائهم.

لذا مع التقدير المتزايد لحدود القوة العسكرية، دعونا نحاول التخلص من التطرف بأدوات مثل التعليم. وهو أيضاً أرخص بكثير، حيث إن تكلفة نشر جندي واحد في أفغانستان لمدة عام واحد تكفي لإنشاء 20 مدرسة ابتدائية ودفع نفقاتها.
هناك تصور خاطئ بأن «طالبان» لن تسمح بتعليم الفتيات. إنه ليس بالأمر السهل، لكن يمكن القيام به. تجيز حركة «طالبان» العديد من مدارس الفتيات، لا سيما المدارس الابتدائية والمدارس التي تضم معلمات، لكن يجب على مجموعات الإغاثة التفاوض مع المجتمعات وكسب الدعم. ليس من المفيد وجود لافتة مكتوب عليها إنها تبرع من أميركا.

قال «بول باركر»، الذي أمضى سنوات عديدة في المنطقة كعامل إغاثة، «لقد تمكنت معظم مجموعات الإغاثة من العمل بنجاح على جانبي الخطوط الأمامية لطالبان». تعليم الفتيات ليس عصا سحرية. فقد تم بناء المدارس في جميع أنحاء أفغانستان على مدار العشرين عاماً الماضية، لكن هذا لم يكن كافياً لتثبيط حركة «طالبان».
قالت لي شابة أفغانية: «ليس الأمر أنك تذهب إلى المدرسة وفجأة يتم تمكينك». لنكن صادقين: لا شيء ينجح بالشكل الذي نريده في التغلب على التطرف.
ومع ذلك، فهذه الشابة هي مثال على ما هو على المحك. فقد درست بمفردها في قلب «طالبان»، ثم تمكنت من القدوم إلى الولايات المتحدة - حيث تجري الآن أبحاثاً حول الخوارزميات الكمومية.
إن التعليم سلاح غير مكتمل ضد التطرف، لكنه يساعد. إنه يعمل من خلال مزيج من العقول المنفتحة، وبناء طبقة متوسطة، وإعطاء المرأة صوتاً أكبر في المجتمع وتقليل النمو السكاني.
لذلك آمل، بينما نقوم بسحب القوات العسكرية من أفغانستان، أن نتعلم شيئاً من المتطرفين وضحاياهم على حد السواء: لا يتعلق تعزيز تعليم الفتيات بالمثالية الجامحة، بل يتعلق بالأحرى باستخدام أداة غير مكلفة وبطيئة بشكل محبط - ولكنها تكون في بعض الأحيان هي أفضل أداة لدينا.
قالت لي يعقوبي: «لا توجد طريقة أخرى لبناء أمة». واستطردت: «ربما في يوم من الأيام سنقوم بصهر بعض هذه الأسلحة واستبدالها بالأدوية وملاحم هوميروس الجديدة. إذا كنا نرغب في الوصول إلى هذه المرحلة، يجب أن نبدأ دائماً بالتعليم».
*كاتب أميركي حاصل على جائزة بولتزر في الصحافة. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

https://www.nytimes.com/2021/05/15/opinion/sunday/afghanistan-girls-education.html