لا شك في أن استقرار اليمن من استقرار منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فأي سلام واستقرار للوضع في هذه المنطقة لابد أن يتضمّن استقرار الأوضاع السياسية في اليمن. وأياً يكن الأمر فإن أهمية هذه النظرية تنبع من موقع اليمن الاستراتيجي في جنوب الجزيرة العربية عند مدخل البحر الأحمر حيث تمر أكثر من 20% من شحنات التجارة العالمية. وبالنظر إلى الأهمية الكبرى لليمن فإن أي اضطراب في أوضاعه ينعكس على المنطقة وعلى حركة الملاحة التجارية البحرية العالمية. 

وقد زادت في السنوات الأخيرة أهمية الموقع الاستراتيجي لليمن وبالتالي أهمية استقراره، خصوصاً بعد الأحداث التي شهدها في عام 2011 والتي تطورت لتدخِله في مرحلة الأزمة السياسية الجسيمة وأعادت ترتيب الأوراق بعد تدخلات تركزت على استثمار البعد الطائفي، حيث تم استغلال فئة مجتمعية لتشكيل خلايا وميليشيات مثّلت خطراً جسيماً على أمن واستقرار هذا البلد. وساهمت تلك الميليشيات في قلب الأوضاع رأساً على عقب وأدخلت البلاد في فوضى غير خلّاقة، وذلك بإيعاز خارجي بغية تخريب الاتفاق الذي تم مع الرئيس الراحل علي عبدالله صالح برعاية خليجية ودعم دولي كبير، إيماناً من الدول العربية المؤثرة بضرورة استقرار اليمن وأهميته لصالح استقرار المنطقة ككل. لكن الأوضاع خرجت عن السيطرة بسبب التدخلات والأجندات الخارجية المعادية للأمن القومي العربي، والتي دفعت هذا البلد الذي كان في يوم من الأيام يمناً سعيداً ليصبح بسبب جماعة الحوثي وتدخلات داعميها الخارجيين يمناً يعاني الفوضى والبؤس والفقر وانعدام الأمن وغياب الاستقرار.
وبالمقابل فقد كانت الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، حريصة على رأب الصدع والتقريب في وجهات النظر بين اليمنيين، فبذلت جهوداً كبيرة وصادقة لإرساء السلام في اليمن، وذلك ليقينها بأن استقراره جزء من استقرار المنطقة، المنطقة التي سئمت الأزمات على مدى سنوات طويلة. لذلك يؤكد المراقبون السياسيون بأنه إذا ما أرادت دول الشرق الأوسط الاستقرار لمنطقتها، فعليها إحلال الاستقرار والسلام في اليمن أولاً.. إذ من دون استقرار اليمن ستظل المنطقة عرضةً لأخطار مصدرها اليمن المضطرب نفسه. لذلك فإن مخاوف دول الخليج حيال عدم استقرار اليمن هي مخاوف محقة ومشروعة.


*كاتب كويتي