يمكن القول إن الشرق الأوسط يمثل بالنسبة للصين إقليماً حيوياً ذا أهمية متنامية، حيث دخلت إليه بكين من بوابة الاستثمارات والتعاون الاقتصادي، مع الإبقاء على الجانب الأمني في حدوده الدنيا، مما خلق صورة حسنة عن «الشريك الصيني»، إلا أن هذه الصورة ليست مضمونة مع تزايد حدة الاستقطاب السياسي والعسكري بين أكبر اقتصادين في العالم، حيث من الممكن أن تضطر الصين إلى الاصطفاف بشكل علني مع دولة محور ضد أخرى بعد مفاضلة مصالحها، أو على الأقل أن تضمن عدم التعدي على مصالحها في الدولة التي احتضنت الاستثمارات الصينية الأكبر والأهم، ويمثل موقعها الاستراتيجي بعداً ثابتاً في المصالح الصينية، وهذا ما سيفتح الباب حتماً لمواجهة علنية بين الصين والغرب في إقليم معين، أو حيال فرصة سانحة أو قضية معينة. 
ومن جهة أخرى ستدعم الصين استقرار البنية السياسية لدول الشرق الأوسط، وهو درس تعلمته الصين بعدما تعرضت مصالحها الاقتصادية في ليبيا للخطر، وإن كان عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول هو أحد المبادئ الشاملة لسياسة الصين ولكن لديها سياستها الخاصة الأكثر استدامة على المدى الطويل. وتُظهر الصين حرصها على عدم التدخل في النظام الإقليمي الدقيق والمتقلب، وهي تقيم أيضاً علاقات متوازنة مع كافة المتضادين في المنطقة دون أن تقوم بتنفير أي طرف من اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، ودون أن يتم تهديد المكاسب التي حققتها. ومن نواحٍ عديدة، يتمثل اهتمام الصين بمنطقة الشرق الأوسط في المجال الاقتصادي، إذ تلعب «مبادرة الحزام والطريق» دوراً رئيسياً في سياسة الصين الخارجية في المنطقة، بالإضافة إلى اعتماد الصين على موارد الطاقة من الشرق الأوسط، بما أن الصين لديها متطلبات هائلة في ما يتعلق بمجال الطاقة، بينما قد يوحي المستقبل بتغيرات كبيرة في سياسات الصين تجاه المنطقة، ويأتي ذلك مع تزايد الفراغ الأمني الذي قد يخلفه الانسحاب الأميركي من المنطقة، وهذه السياسات تتمثل في زيادة تركيز الصين على مصالحها الحيوية، وهو ما يعني أن الصين ستكون بحاجة إلى تأمين تجارتها واستثماراتها في الشرق الأوسط بنفسها، وهذا يوحي أيضاً بأن عليها أن تزيد من مشاركتها الأمنية والعسكرية والدبلوماسية في تعقيدات المنطقة ونزاعاتها، بالتوازي مع سعيها للحفاظ على مصالحها الحيوية.
فالحفاظ على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ممكن من الناحية النظرية، إلا أن الممارسة العملية لرؤية الصين في منطقة كالشرق الأوسط هي أكثر تعقيداً مما يبدو عليه الوضع القائم، وعليه، فإن تزايد النشاط الدبلوماسي الصيني والأمني في المنطقة بات محسوساً بشكل متزايد، على الرغم من قلق الصين حول أن يكون ذلك على حساب الأرواح والأموال، وعلى حساب سمعتها كدولة صديقة للجميع تحترم الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ولا تتدخل في النزاعات والخلافات في المنطقة. توجهات الصين المستقبلية ستركز على تنامي القوة الصينية التنافسية اقتصادياً والصناعة النوعية والريادة الابتكارية والتكنولوجيا المتقدمة والعلوم المعرفية الحديثة، وسباق الفضاء، وإدارة البيانات الكبرى والذكاء الصناعي، وتسخير قوى الطبيعة وأسلحة الخيال العلمي.
ومن أجل ضمان أمن الطاقة وتأمينها لحاجاتها التي تفرضها العملية الإنتاجية، لربما تسعى الصين في الشرق الأوسط لطرح نفسها كموازٍ وحائط صد أمام المصالح الأميركية، وتستند بكين في هذا إلى سياسة مغايرة بالمقارنة مع نظيرتها الأميركية، حيث تتجنب الصين إعلان استراتيجية واضحة مؤيدة أو متنازعة مع دول بعينها، وتعمل على نشر استثماراتها في الدول المتنازعة، ضمن مبدأ جمع المتناقضات، وبالاستفادة من ضعف الطلب الأميركي على الطاقة مقارنة بالطلب الصيني. بكين تقدم قوتها الناعمة للدول الشرق أوسطية بشكل ليس بالضرورة أن يرتبط بتغييرات بنيوية في الأنظمة السياسية، خلافاً لما تقوم به وتحبذه الولايات المتحدة الأميركية.