بعد أن أفرزت «جائحة كورونا» تداعيات شديدة الأثر عالميّاً في مختلف القطاعات، نتيجة تعطّل حركة التنقّل وفرض قيود عليها وعلى جميع أنشطتها، التفتت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى ضرورة تعزيز السياحة الداخلية وتقديم محفزات ومزايا عدّة، تهدف من خلالها إلى النهوض بالقطاع السياحي وجعل المواطنين والمقيمين أكثر حماسة لزيارة المواقع السياحية الوطنية، وخصوصاً أن الدولة تزخر بالمعالم القادرة على اجتذاب السيّاح إليها من كل مكان.
وجاء إطلاق حكومة الدولة «استراتيجية السياحة الداخلية لدولة الإمارات»، و«الهوية السياحية الموحدة» في ديسمبر الماضي، لأجل تطوير منظومة سياحية وطنية متكاملة، وتنظيم السياحة المحلية بين الإمارات السبع، ومضاعفة مساهمة السياحة الداخلية في الاقتصاد الوطني، الذي بلغت حصته في عام 2019 نحو 23 في المئة، من إجمالي عائدات القطاع السياحي، وتحقيق توازن أكبر بين السياحة الداخلية والدولية بحلول عام 2030.
ومؤخراً، أشارت نتائج استطلاع رأي قامت به صحيفة «البيان» إلى أن توجهات المسافرين خلال إجازة عطلة عيد الفطر تتجه نحو السياحة الداخلية وبنسبة وصلت إلى 77 في المئة، ما يعني نجاح الجهود التي بُذلت في تسليط الضوء على مناطق الجذب الطبيعية والثقافية والتراثية والتاريخية في الدولة، وتطوير المنتج السياحي الوطني وتعزيز السياحة الداخلية التي بدأت تتحول إلى واقع، برغم تقليص قيود السفر، وتخفيف إجراءات الحركة والتنقّل.
وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال الحملات والمبادرات السياحية التي أُطلِقت في سبيل تعزيز السياحة الداخلية، التي كان أبرزها حملة «أجمل شتاء في العالم»، التي قال عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بمناسبة اختتام فعالياتها في نهاية يناير الماضي: «اختتمت حكومة الإمارات اليوم حملة أجمل شتاء في العالم لتشجيع السياحة الداخلية.. 950 ألف سائح داخلي ونحو مليار درهم نتائجها خلال شهر واحد، و2000 تغطية إعلامية، و215 مليون مشاهدة لفيديوهات تصور الإمارات بطريقة جديدة ومختلفة وموحدة.. ظهر في الحملة جمال الإمارات وجمال العمل كفريق واحد».
إن عيش تجربة سياحية مثيرة في دولة الإمارات كان بفضل توافر مجموعة من الظروف، من أهمها، دعم نمو شركات السياحة الداخلية وتوفير التسهيلات اللازمة لها، وتشجيع الاستثمارات المتعلقة بمشروعات السياحة الداخلية، وتطوير سياسات وبرامج ترويجية للأمكنة والمواقع الأثرية والطبيعية والترفيهية، ولاسيما في ظل وجود هوية سياحية موحدة، تشكل امتداداً للهوية الإعلامية المرئية للدولة، ضمن رؤية ترسخ صورتها بصفتها مركز جذب سياحيّاً، إقليميّاً ودوليّاً.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.