من الأمور المثبتة قولاً وفعلاً أن الدولة الاتحادية في الإمارات خلال الخمسين سنة التي مضت قد أعطت الأمل الشامل والكامل لشعب كان يعيش قبلها وهو قلق من المستقبل الذي ينتظره، خاصة عندما أفصحت بريطانيا عن نيتها في الانسحاب من المنطقة عام 1968 فيما أسمته باستراتيجية الانسحاب من شرق قناة السويس، وهو لم يكن مستعداً بعد لمواجهة القلاقل الأمنية القائمة في المنطقة، وجلبت له ثقة هائلة في النفس وفي النظم الاجتماعية والسياسية القائمة لديه، وأقنعته بأن الاتفاقية الاتحادية التي أبرمت هي رمز ونبراس للشجاعة الوطنية. لقد أصبحت هذه القناعات أموراً ثابتة، ومفروغ من صحتها ومصداقيتها.
والحقيقة أن الدولة الاتحادية وفرت السيطرة الكاملة والحلول المناسبة لجميع المشاكل حينما وحيث ما تواجدت منذ اللحظات الأولى التي قام فيها الاتحاد، فمنذ ذلك الوقت ولجت الإمارات في الطريق الذي يوصلها إلى بر الأمان، وشكل الاتحاد الصيغة الأساسية الأمثل للأمن والأمان والاستقرار الذي ينشده شعبه داخلياً وخارجياً.
إن الطريق التي تم سلكها فيما مضى من سنوات خمسين كان ممهداً ومنيراً وكوّن اعتقاداً وإيماناً راسخاً لدى المواطنين بأن الشيء الذي يجب علينا الحرص عليه في الخمسين عاماً القادمة، ونحن الآن في العام 2021 هو مواصلة السعي إلى التقدم والتنمية والابتكار في جميع مجالات الحياة، فالنظر إلى المستقبل والإبداع فيه هو الذي يجب أن يشكل لنا التوجه والمنهج الجديد وليس النظر إلى الماضي وحده والتغني به.
وهذا النمط من التطلع إلى المستقبل المشرق هو نفس المنهج الاتحادي القويم الذي ساد على مدى الخمسين عاماً التي انقضت. 

خلال تلك السنين ترسخت قناعة بأن الإنسان لا يعيش لكي يبقى ثابتاً في حالة واحدة، إنما ولّدت لدى شعب دولة الإمارات تطلعات وطموحات جديدة وتطلعات تكمن في العقول قبل القلوب، كان آخرها وليس أخيرها الوصول بكل ثقة إلى كوكب المريخ.
والحقيقة هي أن دولة الإمارات وشعبها لم تواجههم حتى الآن أية مصاعب أو عراقيل في مسيرتهم نحو كل ما هو أفضل في هذا الكون، لكن روحاً حقيقية تجتاح بلادهم، ولدت فيهم آمالاً جديدة ليس من خلال الوعود أو النوايا التي تدور في فراغ، لكن من خلال قيادة رشيدة ودولة طموحة تديرها حكومة اتحادية ليس لها هم سوى العمل الجاد لخدمة المواطن والوطن.
قيام الدولة الاتحادية هو إعادة تأكيد لتطلعات وطنية قديمة ولتراث متأصل في نفوس حكام وشعب يعيشون على هذه الأرض، ويعمرونها لقرون طويلة من العمل الجاد والإنجازات الخلاقة هي جوائزهم وعائداتهم التي ينتظرونها.
ما تمخض عن قيام الاتحاد ليس بعقيدة سياسية مجردة أو بعقد اجتماعي جديد يهدف إلى غداً أفضل، لكنه نداء مرتفع النبرة هي دعوة إلى العمل الجاد منذ اللحظات الأولى.
وإذا كان المواطنون والعالم أجمع مفتونين بما يجري، فإن ذلك ليس بسبب أن المواطنين مطالبون بدعم ما يجري والوقوف وراءه، بل لأنهم مؤمنون حقيقيون به، ولكن بسبب أن ما كانت تقوم به قياداتهم أعطاهم شعوراً جديداً بكينونتهم وكرامتهم التي كانت مختفية وراء تاريخ طويل من الوجود الأجنبي على أرضهم.
وطوال السنوات الممتدة قبل قيام الاتحاد كانت المنطقة تعيش في فقر مدقع إلى أن تم اكتشاف النفط في إمارة أبوظبي عام 1958، لكن الاتحاد بصورته الحالية لم يكن قائماً، وكان الناس يعانون من شظف العيش، ويعيشون على حد الكفاف، إلا من رحم ربي.
لكن بعد قيام الاتحاد وجدوا أنفسهم في وضع جديد مختلف تماماً عما سبقه. وللحديث صلة.
* كاتب إماراتي