صدر في الإمارات عدد من الكتب المهمّة في مجال السيرة الذاتية، أو المذكرات الشخصية، تزيد على العشرة. والمذكرات كتابتها غالباً ما تكون أثيرة على أصحابها، كونها تتناول تاريخهم الشخصي، عبر محطات حياتية مختارة بدقة، ليطلوا من خلالها على الناس، بصورة حذرة، وبعيدة عن المواربة قدراً كبيراً. من بين تلك الكتب الصادرة حديثاً، كتاب «أيام وذكريات» لعبد الرحمن بن علي الجروان، الذي شغل منصب وكيل وزارة في الخارجية الإماراتية، في الفترة بين1984 -77، مما جعل مهمته حساسة، وتصنيف المذكرات والإلمام بدقائقها لم تكن سهلة، لكن رغم ذلك، جاءت الـ 300 صفحة، ثرية وشيّقة.
تحت عنوان «رحلة إلى زايد الخير» يتحدث الجروان عن بعض مناقب الشيخ زايد، طيب الله ثراه، حيث قابله ضمن وفد رياضي قادم من الشارقة إلى مدينة العين، حوالي العام 1967، وكان الشيخ زايد وقتذاك حاكماً لإمارة أبوظبي. يكتب: «في مقابلتنا له أوجسنا شيئاً من التهيّب، ونوعاً من الاضطراب، لكن بعد أن سلّمنا عليه، ورحّب بنا بحرارة، تبدّدت كل تلك الهواجس». ويضيف «كان زايد الخير دمث الأخلاق مضيافاً إلى أبعد الحدود. يضخ فيك ثقة لا حدود لها، ويشجعك على أن تتحدث عن نفسك باطمئنان». وبعد أن تحقق للوفد الرياضي مسعاه، وجّه الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بتوفير سيارة لهم، ليتجولوا بها في العين، ثم اسمَعَ الوفد عبارة. يقول الجروان: «ما زلت أذكر تلك العبارة التي قالها لنا في تلك المناسبة ((لازم تشوفون بلادكم)). وكأنه طيب الله ثراه، كان يبشّر بالاتحاد الذي سوف نشهد إقامة بنيانه بعد أربعة أعوام من الآن».
وفي الكتاب، تحت عنوان «سلطان.. مدرسة القيم» يتحدث الجروان عن قيم وشمائل صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، معدّداً منجزاته في إمارة الشارقة، ومواقفه الوطنية والعروبية، ودوره في قيام الاتحاد. ينتقل عقبها للحديث عن قامة إماراتية وطنية، كان لها دورها في السياسة الخارجية، في مرحلة عدّت من أهم المراحل التأسيسية لدولة الإمارات، هو معالي أحمد بن خليفة السويدي، أول وزير خارجية في دولة الاتحاد، الذي رافق الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في مسيرة البناء، ورأى فيه الجروان معلماً وملهماً. يقول إن أحمد بن خليفة السويدي «هو الذي بشّر شعب الإمارات والعالم، بقيام دولة الاتحاد، عبر إذاعته للبيان الصادر عن الحكام في الثاني من ديسمبر عام 1971».