الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بشّار بن بُرد.. الشاعر المُجدِّد

بشّار بن بُرد.. الشاعر المُجدِّد
2 مايو 2021 00:24

ساسي جبيل (تونس)

المسيرة الإيجابية في الحياة تصنع بالعزيمة، وترتقي بالفعل الجاد والإضافة النوعية من خلال الاندماج والمساهمة والامتزاج التلقائي بالمجتمع، وتجاوز كل المعوقات.
في هذه المساحة نستعرض سِيَر حياة عدد من الكُتاب والفنانين والمبدعين من أصحاب الهمم، ارتبطت أسماؤهم بتجاوز كافة العوائق والقدرة على التفوق والتألق، حيث نلقي الضوء على عباقرة تغلبوا على إعاقتهم وبنوا أنفسهم بشكل مختلف.
ولد بشّار بن برد في البصرة من أب طَيّان فارسيّ الأصل يُدعى بُرداً، وكان ينسب عقيلياً لانتمائه بالولاء إلى بني عقيل، وقد نشأ بشار أعمى، ولكنه كان حاد الذّكاء، ضخم الجسم والوجه مجدوراً طويلاً جاحظ العينين يخالطهما لحم أحمر، وكان شديد التبرّم بالنّاس، شديد الاعتداد بنفسه، لا يرى فوقه شاعراً ولا عالماً، وكان حريصاً على حضور مناظرات ومجالس أصحاب العقائد الأخرى فأخذ عنهم الفلسفة والمنطق.
وقد عاش بين تيارين، تيار ينزع إلى العروبة والحفاظ على العادات والتقاليد العربيّة ويزخر بالسجال الدّيني والسّياسي، وتيار ينزع إلى الشعوبية التي تثير في وجه العروبة موقفاً عكسيّاً، فتقلّب في أدبه يريد إرضاء البيئة الجديدة.
وفي الإبداع الشعري، أجمع الرّواة والنقّاد على أن بشّاراً كان زعيم الشّعراء المجددين في زمنه، حيث استطاع أن ينهج سبيلاً في الشّعر يقوم على التمسّك بالأصول العربيّة للشّعر العربي من جهة، ومن جهة أخرى تفسحُ أيضاً المجال للتّجديد في الفترة العباسيّة لما توفّر فيها من رقيّ حضاريّ كبير، فأحسن جمالية اللفظ، واختيار معانيه، وأبدع في صياغة البيان من تنويع للمجاز وإعلاء من قيمة الاستعارات ومعايير البديع بعيداً عن التكلّف والثّقل والتقرير، ويعود كل ذلك إلى ملكته الفطرية وصفاء طبعه. 
وقد ذكره الجاحظ في «البيان والتبيين» حيث قال: «كان بشّار شاعراً خطيباً صاحب منثور مزدوج وسجع ورسائل، وهو من المطبوعين أصحاب الإبداع والاختراع، المتفنّنين في الشعر، القائلين في أكثر أجناسه وضروبه».
لمّا تولّى المهديّ الخلافة سنة (158هـ - 775م) كانت شهرة بشّار في الشّعر قد امتدت فتكسّب منه، وكان له حضور كبير في المشهد الشعري يومذاك.
ولم يبلغنا من آثاره إلاّ قصائد دوّنتها كتب الأدب ولاسيّما كتاب «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني، ومن أشهر قصائده التي بيّنت قيمته الشّعريّة التجديديّة لما توفّر فيها من قدرة على التوصيف والبيان «وَذاتِ دَلٍّ كَأَنَّ البَدرَ صورَتُها»، والتي يقول في مطلعها:
إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ..
 قَتَلننا ثُمَّ لَم يُحيينَ قَتلانا
فَقُلتُ أَحسَنتِ يا سُؤلي وَيا أَمَلي..
 فَأَسمِعيني جَزاكِ اللَهُ إِحسانا
وحينما استوزر المهديّ يعقوب بن داود اشتدّت نقمته على بشّار ناسباً إيّاه إلى الزّندقة حتّى أمره المهديّ بقتله.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©