الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الفنّ واحترام العقول

شيخه محمد الجابري
26 ابريل 2021 00:37

في شهر رمضان من كل عام تتسابق الفضائيات وشركات الإنتاج على تقديم الأعمال الحصريّة التي نجدها في نهاية الأمر معروضة في كل المحطات، رغم كذبة الحصريات التي تجعلك تعتقد للوهلة الأولى بأن هذا الحصري لا يُشبه غيره. وأنه عمل للتاريخ وسوف يأخذك من دائرة الإسفاف والابتذال التي تزدحم بها بعض الأعمال خليجية كانت أم عربية، وبما فيها المُنتج المحلّي، إلى عالم جديد تشاهد من خلاله قضية حقيقية بعيداً عن النمط المعتاد في تلك الأعمال، وشحنات الإعلانات التي تعبأ بها الفقرات الزمنية للبث التلفزيوني.
وفي كل رمضان لا أقول نتفاجأ، فقد تعودّنا على مشاهدة الإنتاج الرمضاني الذي تتكرّر فيه مشاهد العنف غير المبرر، من قتل وضرب ومواجهات لا تخلو من التطاولات اللفظية وعدم الاحترام والصراخ الذي يعتبر السّمة الأبرز في أكثر أعمال هذا العام.
ولا يخلو مسلسل من مشاهد تضغطك نفسياً وتضعك في دائرة السؤال عن أي مجتمع يتحدث هذا العمل، وهل حقاً واقعنا الخليجي على الدقة بهذا السوء والضعف والهُزال المجتمعي الذي يصوّره لنا كتّاب السيناريوهات الرمضانية، الذين ينامون طوال العام ثم يطلّون علينا بأعمال أقل ما يقال عنها إنها تثير حفيظة المشاهد، ولا تحصد سوى غضبه ومقته، أعني المشاهد الواعي الذي يفهم ما يريد ويبحث عنه في معسكر التلفزيون الفضائي.
صحيح أنك وبمجرد تحريك وسيلة التحكم في يدك، تستطيع إغلاق القناة التي لا تعجبك ولا تحقق طموحك في مشاهدة عمل يحترم عقلك، ويترجم مشكلتك أو قضيتك أو احتياجك، لكنك في النهاية مضطر لمتابعة عمل واحد على الأقل تجد فيه الإشباع لذائقتك وعقليتك التي تبحث عن المتميز من الأعمال، التي على رغم ندرتها إلاّ أنك تبقى على اتصال بها لتتصل بالعالم من حولك.
هذا العام أيضاً، عُرضت مسلسلات في بعض المحطات تُصنّف على أنها أعمال كوميدية، وللأسف الشديد أن فهم معنى الكوميديا عند بعض كُتّاب الصّدفة مغلوط تماماً، فهيَ لا تعني إلا تشويه المجتمع، وتقديم انطباع غير حقيقي عنه وعن أهله ولهجاتهم وطريقة معيشتهم بخاصة المجتمعات القديمة التي تُصور على أنها فوضوية، وتعيش في هرج ومرج، ويسودها العنف والاستهتار.
إن تلك المجتمعات كانت راقية جداً، والناس فيها بسطاء يميلون للسلام والمحبة، ولا توجد بينهم هذه المشاهد العجيبة التي تُظهرهم وكأنهم من عالم آخر. شيء ٌ من المنطقية نتمناه ممن يتبنّى مثل تلك الأعمال احتراماً للمشاهد في كل زمان ومكان.

شيخه محمد الجابري

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©