كعادتها، تنظر بلادنا إلى التحدّيات على أنّها تنطوي على فرص، ومن ذلك «مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ» التي أعلنت عنها مع الولايات المتحدة خلال قمّة القادة للمناخ التي عقدت مؤخراً.
فلقد كشفت قضية تغير المناخ عن تحديات جديدة، وانضم إليها «كورونا» ليؤكدا معاً مدى الترابط الوثيق بين الصحة والغذاء وأمن الموارد، ويضعا شروطاً مختلفة عن الماضي، لمن يريد أن يعبُر بقوة نحو عالم يتغير فيه كل شيء بسرعة، فيما بدا واضحاً أن الزراعة ستكون إحدى أهم قضاياه في القرن المقبل.
 ومن هنا، لا نستغرب حينما نعلم أن «بيل غيتس» أحد أغنى أغنياء العالم، يستثمر 242 ألف فدان من الأراضي الزراعية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
بالمقابل، يدرك المتابع للشأن الإماراتي، أن طبيعة المناخ وارتفاع درجات الحرارة لم يثبّطا عزمنا على ابتكار الحلول في التنمية الزراعية، منذ زمن المؤسس الشيخ زايد «طيب الله ثراه» الذي اعتبر الزراعة أساساً في حضارات الأمم، وخاض التحدي منذ ستينيات القرن الماضي، وأثبت خطأ كثير من الفرضيات عن استحالة الزراعة المستدامة في رمال الصحراء.
ومنذ ذلك الوقت، توالت القفزات في القطاع، نحو الاستفادة من التقنيات العلمية الحديثة في الاستدامة الزراعية، واتباع أنماط زراعية جديدة، نتشاركها اليوم مع كثير من دول العالم، ومنها الولايات المتحدة التي قالتها صريحة على لسان مبعوثها الرئاسي لشؤون التغير المناخي: «إن الإمارات تقدم حلولاً مدهشةً وممارساتٍ مبتكرةً في التعامل مع تحديات الغذاء والمناخ»، في اعتراف جديد بعبقرية الإنسان الإماراتي.
في بلادنا، الفرص التي خرجت من بطن التحدي كبيرة، فلدينا حلول زراعية متطورة، وصناديق استثمار، وبنوك للبذور، وزراعات عضوية وأخرى مائية، ونظم زراعة ذكية، وبنية علمية لمراكز متخصصة في البحوث والدراسات للبيئات الزراعية الأكثر صعوبة، وخبرات في تبني التكنولوجيا الحديثة بشكل استباقي.
كل ذلك، شكّل في مجمله مرجعاً عالمياً  لأساليب وتقنيات الإنتاج الغذائي المستدام، ولفت انتباه دول عظمى رأت في الإمارات مركزاً عالمياً رائداً من شأن التعاون معه أن يشكل مستقبل الإنتاج الزراعي والغذائي في العالم، ويساهم عملياً في مواجهة تغيرات المناخ، ويحقق فوائد اقتصادية واجتماعية بعيدة المدى.
نحن اليوم على الطريق الصحيح، لأن حكومتنا أكثر جاهزية للمستقبل، الذي كان استعدادنا لاستحقاقاته مدروساً وذكياً وكافياً ومدهشاً، فلا مجال لدينا لمفاجآت المناخ ولا سبيل إلينا لتداعيات الجائحة.