الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الجامع الأعظم.. «أزهر الجزائر»

الجامع الأعظم.. «أزهر الجزائر»
21 ابريل 2021 00:54

ساسي جبيل (الجزائر)

يوجد في الجزائر حالياً أكثر من 30 ألف مسجد، ويعتبر الجامع الأعظم بالجزائر آخرها تشييداً، ويقع قبالة البحر في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، ويتسع لنحو 120 ألف مصلٍ في قاعة تبلغ مساحتها 20 ألف متر مربع، لتكون حسب المصممين ثالث أكبر مصلى في العالم بعد الحرم المكي والمسجد النبوي.
ويمتد الجامع الأعظم في الجزائر على مساحة 27.75 هكتار، أما مئذنته التي يمكن رؤيتها من كل أنحاء العاصمة، فهي الأعلى في العالم، إذ تبلغ 267 متراً، حيث تتركب من 43 طابقاً، ويمكن الوصول إليها بمصاعد تمكن المشاهد من رؤية مختلف مناطق العاصمة الجزائرية وضواحيها، كما تعتبر بمثابة منارة بحرية، إذ إنها تقع على عرض البحر الأبيض المتوسط مما يجعلها تهدي البحارة إلى اليابسة؛ نظراً لارتفاع الصومعة التي يمكن رؤيتها من مسافات طويلة.

الخط العربي
وتمّ تزيين الجزء الداخلي للجامع بالطابع الأندلسي بما لا يقل عن ستة كيلومترات من لوحات الخط العربي على الرخام والمرمر والخشب، أما السجاد، فباللون الأزرق الفيروزي مع رسوم زهرية، وفق الطابع التقليدي الجزائري المعروف، كما زاده الزخرف البديع والهندسة البديعة بهاء وشموخاً.
وصممت ثريا الجامع الأعظم على شكل «مسبحة»، حيث تمت زخرفتها على شكل «سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 33 مرة»، وتزن 9 أطنان ونصف الطن، بها 357 قطعة بلور لكسر خطوط النور، أما عن الزخارف، فهي جزائرية، وتستحضر التراث الزخرفي العربي الإسلامي والمغاربي الأندلسي المعروف في منطقة شمال أفريقيا والذي انتشر في الجزائر .
ويضم جامع الجزائر، بالإضافة إلى قاعة الصلاة، 12 بناية، منها مكتبة تتضمن مليون كتاب، وقاعة محاضرات، ومتحف للفن والتاريخ الإسلامي، ومركز للبحث في تاريخ الجزائر، ويمكن للسياح زيارة هذه الفضاءات المختلفة والقيام بجولات داخل باحته وبين أروقته الممتدة حول بيت الصلاة.

صرح المعماري
انطلق بناؤه في عام 2011 بتكلفة بلغت نحو مليار ونصف المليار دولار، ويضمّ هذا المعلم ذو الطابع المعماري الإسلامي دار القرآن ومركزاً ثقافياً إسلامياَ، فضلاً عن الباحات الخارجية. ولحماية هذا الصرح المعماري والثقافي من أيّ كوارث محتملة، تمّ تزويده بنظام مضاد للزلازل بضمان يصل إلى 80 سنة.
تم افتتاحه في 28 أكتوبر 2020، حيث أقيمت أول صلاة جماعة بمناسبة المولد النبوي الشريف، ويشرف على أداء الصلوات خمسة أئمة وخمسة مؤذنين. وبني جامع الجزائر فوق أرضية جيولوجية مليئة بالرواسب السطحية ذات نشاط زلزالي عالٍ وتقع على الضفة الشرقية لواد الحراش وبالقرب من شاطئ خليج الجزائر العاصمة، ولكن الصخور الرسوبية للمنطقة تساعد على ضمان جدوى المشروع الضخم الذي يقف شامخاً في منبسط بطريق الزائر قبل وصوله إلى مركز العاصمة الجزائرية.

قبة بقطر 50 متراً
يحتوي جامع الجزائر على قبة يبلغ قطرها 50 متراً، وتتوسّط قاعة الصلاة التي تمازج فيها الجانب الوظيفي والجمالي، فهي مكونة من غلاف داخلي وخارجي، فمن الداخل هي قراءة عصرية لقبة «المقرنصات» التقليدية المستمدة من المعمار الإسلامي، خاصة في عهد المرابطين، تسمح بتعاقب المساحات المسطحة والدائرية، ومن الخارج غلّفت قبّته بمصفقات مشربية تزيينية تبرز الوجه الداخلي للقبة وفق الهندسة التقليدية، وحسب مجسّم جامع الجزائر، فقد توّجت قاعة الصلاة «المزيّنة بالرخام والحجر الطبيعي» بقبّة عظيمة ذات جدارين يحتويان على فتحات تسمح بمرور الضوء الطبيعي إلى القاعة كما تضيء بأنوارها ليلاً، وتقف قبة الجامع في بهاء منقطع النظير على 680 عموداً قدت من أجود أنواع الرخام والحجارة.

أصالة وعراقة
يعرف الجامع الأعظم بمجرد افتتاحه بأنه مشروع القرن و«أزهر الجزائر»، الذي سيكون منارة تهتدي به الأجيال القادمة للدفاع عن أصالتها وعراقتها وإسلامها الوسطي المعتدل الذي يقطع مع التطرف والأصولية. وتكمن أهمية المسجد الأعظم، في أنه فضاء للعبادة والروحانيات وفي نفس الوقت، جامعة دينية ومركز ثقافي إسلامي مع مكتبة رقمية حديثة تحتوي على أهم المصادر والمراجع الدينية والعلمية، بالإضافة إلى متحف للفن والتاريخ الإسلامي، وقاعات للمؤتمرات ومراكز ثقافية وإعلامية، ومدرسة لتعليم القرآن الكريم وعلومه «كلية للعلوم الإسلامية»، وحدائق وطوابق كثيرة كمرآب لسيارات الزوار والمصلين، بالإضافة إلى ساحة خارجية ضخمة بها البحيرة الاصطناعية والحديقة الإسلامية.

منارة علمية
على أرض الجزائر التي طالما عانت أثناء الاستعمار الاستيطاني الفرنسي من حملات التبشير المتلاحقة، يمثل الجامع الأعظم اليوم مرجعية جديدة لكل الجزائريين، فطالما افتخر المصريون بالأزهر الشريف والتونسيون بجامع الزيتونة، والمغاربة بجامع القرويين، فالجزائر تضع هذا الفضاء الكبير ليكون منارة علمية ومعرفية وببناء المسجد الأعظم  وجد طلاب العلوم الدينية في هذا الفضاء الجامع مكاناً لتعلم الدين وأصوله والفقه والحديث وعلومه بطرق حديثة وبرامج رسمية، حيث كان الجزائريون ينتقلون لطلب العلوم الدينية إلى جامع الزيتونة الذي تخرج منه العديد من المشايخ في حقب مختلفة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©