السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

زينب الهاشمي تتكئ على ثلاثية الانفصالية واللعب والجنون

زينب الهاشمي تتكئ على ثلاثية الانفصالية واللعب والجنون
20 ابريل 2021 00:26

عزالدين بوركة (الرباط)
تتكئ الفنانة الإماراتية المعاصرة زينب الهاشمي، على ثلاثية التفكيك الكبرى: الانفصالية والجنونية واللعب. وذلك عبر الوقوف على أهم الجوانب الجمالية في منجزها الذي يروم إلى اللعب على تضادات الهندسة وتقابلات العمل مع المحيط والفضاء الخارجي، وأيضاً كونه منجزاً مخلصاً للتراث المحلي والهوية العربية والهندسة المعمارية في دولة الإمارات. واستطاعت الهاشمي أن تحجز مكانة مرموقة في الساحة الفنية عربياً، وعالمياً.
وتحب الهاشمي، المتخصصة في الأعمال التركيبية، والفنون الحيزية أو المكانية، ‬والأعمال ‬النحتية ‬الحديثة ‬العامة، سرد «‬القصص» ‬بصرياً ‬وتستمتع ‬ب‬تجربة ‬مواد ‬وتقنيات ‬جديدة ‬مع ‬كل ‬مشروع، ‬ولكنها ‬غالباً ‬ما ‬تأخذ ‬موضوعها ‬من التراث ‬المحلي. ‬
وتمسك الهاشمي في يدها مشرط التفكيك عامدة إلى فك «الواقع»، أو العالم، وإعادة تركيبه في تنصيبات وأعمال نحتية كما لو كنا أمام «لعبة البوزل»، حيث على المتلقي، إعادة بناء المهدم. حيث كل شيء قابل للتحول وإعادة البناء. ومن هذه النقطة، تسعى الفنانة للبحث عن هوية جديدة تتناسب مع حداثة الحالة، فتحاول فهم منظور المشاهد لمحيطه، وتقدم وجهة نظر بديلة، ما يخلق تصوراً جديداً للواقع.
وتزاوج الهاشمي بين فن الحيز داخل المعرض وخارجه، مراوحة اشتغالها بين أعمال تنصيبية (أنستلايشن) وحدثية، حيث إن الأولى تقع داخل فضاء العرض، بينما تقع الثانية خارجه، ليتفاعل معها القدر الأوسع من الجمهور. تقول: «أحب فكرة الخروج من المعرض. أحب هذا النوع من التواجد الفني العام في عملي. أعتقد أنني بصرياً قادرة على إنشاء أشياء تجذب الانتباه». 
ومثالاً عن هذا، عملها التركيبي ضمن حي دبي للتصميم المحاط بمبانٍ فولاذية وزجاجية شاهقة، ويتألف من 33 قطعة سداسية الشكل، مصنعة من الفولاذ العاكس ومزينة بـ 1145 قطعة كريستال. ويبلغ ارتفاعه 1.5 متر وعرضه 3 أمتار، وتُظهر قطعه سلسلة لا متناهية من المشاهد المتلونة، حيث تعكس وتكسر قطع الكريستال الضوء متعدد الألوان. ليجد المتلقون أنفسهم أمام سرابات هندسية برَّاقة تشدهم للتفاعل مع الانعكاسات المختلفة واستكشاف العلاقة بين كل قطعة وأخرى والعالم من حولهم.
وتتخذ مجمل المركبات النحتية المعاصرة للهاشمي، خاصية الفراغ متكأ لتشييد بُنيانها المتشظي، فاسحة المجال للضوء، الذي يخترق الفراغات، لخلق تباينات متعددة وبعد لامتناهٍ داخل العمل الفني. وكأنها تسعى إلى معانقة الفضاء عبر الهندسة الشفافة، لإبراز الجانب الخفي في بُنى العالم. فليست التفكيكية تنبني على تفكيك الظاهر في العمل والواقع، بل أيضاً إبراز المضمر فيه، عبر الحفر في الأعماق المظلمة وغير المطروقة واللا متوقعة. من هذا الجانب، تأتي أعمال الهاشمي المفرغة باعتبارها «صدمة»، حينما تقابل العمران الممتلئ.
أما عن خاصية التشظي، فهي كامنة في تلك التركيبات الصغرى والخطوط المتفرقة والأشكال المتداخلة؛ فبقدر ما تكوّن بنيان العمل، فهي تتخذ لنفسها استقلاليتها، لكن في الآن ذاته ترتبط ببعضها عبر روابط خفية. كأننا أمام «عمل داخل عمل»، وهذا ما يتجسد في عمل الهاشمي خارج دور العرض، فعبر التناقضات التي يخلقها العمل مع الحيز الفضائي، تنبع الدلالات وتتعدد المعاني، فيصير العمل الفني المعروض «تناصاً» يبدع آليات ويُسوق معاني لم تكن مقصودة.
وتكمن القوى التفكيكية داخل منجز الهاشمي في كونه قائماً أولاً، على «الانفصالية والانقطاعية»، حيث نلمس انفصال عناصر المبنى، في الوقت عينه كل عنصر بذاته مع الترابط والتجاذب بينهما. فيما الاتصالية، تسعى إلى تبيين الوحدة. إلى جانب قيام المنجز لديها على «الجنونية والتكرار»، في استعمالها مواد غير مطروقة أو أشكالاً غامضة. وثالثاً على مفهوم «اللعب» الذي ينزع بعيداً عن الجدية إلى الباروديا (المحاكاة الساخرة). كما إنه منجز مستقل لا يحاكي العالم، بل يدعوه إلى محاكاته بما يقدمه من إمكانات لا متناهية للتطور.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©