الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

هذا الوقت سيمضي

شيخة محمد الجابري
19 ابريل 2021 00:21

 بحلوهِ، بمُرّهِ سوف يمضي بمشيئة الله تعالى، مثقلةٌ هي الأيام بما ينوء من حملٍ وقلوبنا مثقلة معها، تمضي حركة الوقت ببطءٍ كأن لا مجال لهذا التلعثم الزمني أن يشفى ويطيب لتعود أيامنا الحلوة وأوقاتنا النّديّة، تتجدد اللقاءات، وتعلو الضحكات، ونتبادل الفرح والزيارات، نُطلق زغاريد السعادة ذات فرح، ونطبطبُ على جراحاتنا وأحزاننا، ونتشارك البكاء والوجع ذات فقد، كأن الأيام أضحت نسخاً من بعضها، متشابهة، مرتبكة، نريد لهذه الرتابة أن تنشط، أن تتحرك دماء الأيام في عروق الوقت، أن نتنفس هواءً جديداً غير ملوّث بفيروسات، أو موعود ببكتيريات ومنتجات مصانع لا إنسانية، وبذاءات أجهزة تطلق عداواتها ضد البشر، نريد لكل شيء جميلٍ، حلوٍّ أن يعود.
نريدُ لأطفالنا أن يجدّدوا ابتساماتهم، أن يتحركوا بلا خوف أو حذر، نحلمُ بان نحزم أمتعتنا ونتجه إلى أقرب نقطة حدودية تشعرنا بالتغيير، وبأننا أصبحنا في أمان صحيّ بعيداً عن مؤامرات المختبرات، واختناقات الكمامات، نرغب في معانقة السماء من جديد، أن نحلّق على بعد أميال نطوي بها مسافات القلق، أن نتمدد على أريكة لا نشكّ لحظة أنها تحملُ علّة في حشواتها، نريد الذهاب إلى حدائقنا ومتنزهاتنا، ومقاهينا دون خوف، دون مناديل أو زجاجات مطهرات بنسبة كحول عالية، لا نريد لهذا الخوف أن يستمر، لا نريد لهذا الحذر أن يبقى ظلنا، ورفيق حركتنا، وسكوننا.
نريدُ الشعور بالأمان، الأمان الصحيّ والنفسي، نحلمُ بأن يتحرك أطفالنا بحرية وفرحة تشبهُ حرية الشعوب المستقلةِ عن مستعمريها، والطيور الهاربة من بنادق صائديها، والعصافير المنطلقةُ من أقفاصها نحو السماء، نريد للحياةِ أن تعود لها الحياة من جديد، أن تنتهي هواجسنا ومخاوفنا، أن نعانق أحبتنا دون خوف، أن نمارس شغبنا، شغفنا، أن نجولَ في معارض كتبنا، وصالات أفراحنا، مدارسنا الملوّنة بالحب، كتبُ أطفالنا المدرسية، لا نودّ لهذه الحياة الجافة أن تستمر، أن تأخذنا نحوها أكثر، نريد لهذا الوقت أن يمضي!
ماذا لو نزل المطر، وتحرّك الحجر، ورفرف الشجر، والطير من على أغصانه طار فرحاً وانتشر، وعادت حافلات المدارس، وطوابير وأناشيد الصباح المدرسية، وحصص الدرس الأول، وصار لمكاتبنا وقع الحب، واستعادت قاعات اجتماعاتنا صخبها، وعاد الحاقدون إلى حقدهم، والمراقبون لنا إلى مرضهم، وشُفيَ غليل انتظارهم، حتى هذا نريده فهو من محركات الحياة التي تكسبنا أجراً عظيماً ذات صبر على أذىً.
نريد لتحية الصباح الدافئة مع الأصدقاء أن تعود، أن تحيا قلوبنا من جديد، أن نستفز مشاعرنا، أن تنطقَ دواخلنا، نريدُ لهذا الوقت أن يمضي، وسيمضي بمشيئة الله.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©