الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تعافي الاقتصاد العالمي في انتظار عودة الإنفاق

ارتفاع الأرصدة المصرفية لفقراء أميركا في 2020 بنسبة %40 (أرشيفية)
17 ابريل 2021 00:48

حسونة الطيب (أبوظبي) 

تبدو الإجراءات المفروضة على المطاعم وملاعب كرة القدم، غير صارمة، أمام القيود الاقتصادية التي تم تطبيقها خلال الحرب العالمية الثانية.
ففي ذلك الوقت، رشدت أميركا استهلاك كل شيء، من القهوة إلى الأحذية، ومنعت إنتاج الثلاجات والدراجات ولم تتجاوز مبيعات قطاع السيارات بأكمله سوى 139 سيارة في 1943. وبعد سنتين من توقف الحرب، بدأت موجة إنفاق المستهلك، ليناهز إنتاج قطاع السيارات، 8 ملايين سيارة سنوياً بحلول 1950. 
وتتجه الحكومات اليوم، لفك الإغلاق تدريجياً، في الوقت الذي تسهم فيه عمليات التطعيم، في تقليص عدد زوار المستشفيات والموتى جراء فيروس كوفيد19. 
ويكمن السؤال المهم حالياً، في مدى رغبة الدول الغنية، لتكرار مشهد ما بعد الحرب العالمية، من خلال دعم مدخرات المستهلك، لتعافٍ اقتصادي سريع. 
لا شك في أن الأسر في 21 من الدول الغنية، قد ادخرت مبالغ طائلة إبان جائحة كورونا.  وفي حال عدم حدوث هذا الوباء، لناهز إنفاق المستهلك خلال الـ 9 أشهر الأولى من العام 2020، نحو 3 تريليونات دولار، لكن في حقيقة الأمر، ادخرت هذه الأسر بدلاً من ذلك، نحو 6 تريليونات دولار.  ويعني ذلك، زيادة معدل الادخار، بفائض قدره 3 تريليونات دولار، أي 10% من الإنفاق السنوي للمستهلك في هذه الدول، بحسب ذا إيكونيميست. 
وتتباين معدلات الادخار من بلد إلى آخر، حيث بلغت في أميركا مثلاً، 10% من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة لحزمة التحفيز التي اطلقها الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بنحو 1.9 تريليون دولار. 
 وبافتراض إنفاق المستهلكين لكافة مدخراتهم جملة واحدة، من الممكن أن يتجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول الغنية، 10% خلال العام الجاري. 
وتتوقع دراسة أجراها بنك جي بي مورجان شيس، عودة الاستهلاك في العديد من الدول الغنية، لمستويات قريبة مما كان عليه قبيل انتشار فيروس كورونا، ما يدعم تعافياً قوياً للاقتصاد العالمي. 
كما يتوقع جولدمان ساكس، إمكانية أن يضيف إنفاق الفائض من الادخار، 2% لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، عند عودة الاقتصاد لكامل نشاطه خلال هذا العام. 
يشير ذلك، لوتيرة تعاف سريعة، سواء على صعيد الناتج أو الوظائف. وزادت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بداية مارس 2021، من توقعاتها بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة العشرين، إلى 6.2% في 2021، في إشارة لارتفاع الطلب نتيجة لإنفاق المستهلك لمدخراته. 
ليس هناك الكثير من الشك، في أن معظم فائض الادخارات، يعود لأثرياء الدول الغنية. وبما أن معظم إنفاق هؤلاء، يتركز في قضاء العطلات السياحية والمطاعم، والتي ظلت مغلقة نتيجة للوباء، فإن احتمال انتعاش الإنفاق بعد انقضاء الجائحة ضئيل، خاصة لأنهم لا يميلون لإنفاق ما تم ادخاره.
ومع ذلك، يختلف الميل المؤيد للأثرياء فيما يتعلق بالادخار، من بلد إلى أخر. وتفتقر فئة الدخل المحدود في العديد من البلدان، لأي مدخرات لإنفاقها، حتى إذا انقضت الجائحة. وكانت زيادة مدخرات الفئة الفقيرة في الدول الأوروبية أثناء فترة الوباء، بنحو النصف، بالمقارنة مع الأغنياء. 
يبدو الوضع مختلفاً في أميركا، حيث قدمت الحكومة مساعدات سخية، بما فيها جولة ثالثة من توزيع الشيكات بنحو 1.4 ألف دولار للبالغين، فضلاً عن زيادة فوائد البطالة وحصول الناس على أجور تفوق ما كانوا يتقاضونه وهم على رؤوس أعمالهم. ونتيجة لذلك، ربما فاقت ادخارات ذوي الدخل المحدود، ادخارات الأغنياء قياساً على مستوى الأجور. وتؤكد دراسة لمعهد جي بي مورجان شيس، ارتفاع أرصدة الفقراء المصرفية في أميركا في 2020، بنسبة قدرها 40%، مقابل 25% للأغنياء، بالمقارنة مع 2019. كما ارتفعت قيمة الأصول السائلة لنصف الفقراء تقريباً، بنحو 11% في 2020، أي ما يساوي ضعف ما للأغنياء عند نسبة 1% فقط. ومن المرجح، إنفاق ذوي الدخل المحدود والمتوسط، لمدخراتهم بمجرد معاودة الاقتصاد لنشاطه، ما يسهم في الدفع بعجلة التعافي. 
وعادة ما تميل الأسر لزيادة مستوى إنفاقها، تبعاً لزيادة الدخل وليس الثروة. ويختلف حجم الادخار وأسلوبه، من بلد إلى آخر، حيث يتم في بريطانيا ومنطقة اليورو، عبر خفض الانفاق، بينما في اليابان وأميركا، من خلال زيادة الدخل.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©