الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

البيوت القديمة.. ذاكرة مكان وهوية مجتمع

البيوت القديمة.. حاضنة للذكريات (من المصدر)
9 ابريل 2021 00:56

هزاع أبوالريش (أبوظبي)

للبيوت القديمة روح، تسكن في ذات الإنسان، وتجوب في ذاكرته لتبقى جزءًا منه، ومن كيانه، وتاريخه، وهويته، تبقى تلك الجدران الطينية التي تبين في أطرافها تشققات الزمن، شاهدة على فترة من حياة الذين ساروا، وجابوا عدة بقاعٍ ورقاع، تظل تلك البيوت على رغم بساطتها تسطر ملامح الإنسان بطبيعته الفطرية، وسجيته العفوية الخاليّة من الشوائب التي قد تعيق النفس وتحيق الذات، وتعرقل مشاعر الإنسان تجاه الآخر. كل السمات التي تحتويها تلك المنازل المصنوعة من الطبيعة لبناء ما يسد الحاجة، بعيداً عن الابتذال، والتكلف، جعلت ابن المكان يشعر بقيمة محيطة ومدى ارتباطه الوثيق بالحياة، على الرغم من المساحات الضيقة التي كانت تحتضنه. 

اعتماد على الطبيعة
قالت فاطمة الدربي، كاتبة ومستشارة تربوية: إن البيوت في الإمارات اتسمت قديماً بالحياة البسيطة والاعتماد الكلي على الطبيعة ومصادرها التي لا تعد ولا تحصى، جعل الناس يستفيدون من كل هبة وهبها الله عز وجل من الطبيعة لهم مثل النخيل ورمال الصحراء وغيرها. فمادة الطين تشكل حجر الأساس في البيوت الإماراتية القديمة، التي سادت في فترة الخمسينيات والستينيات، وبعض هذه البيوت ما يزال قائماً، وبعضها اندثر أو فقدت معظم أجزائه ولكنه بقي معلماً وشاهداً على تاريخ فترة عريقة من الزمن، لافتة إلى أن البيوت إحدى فنون العمارة القديمة التي تعكس التطور الحضاري، وتعبر عن تطور حاجة الإنسان في كل زمان ومكان، فتلك البيوت المتلاصقة التي بنيت ترسم بعض معالمها بتجانس بهيج لم ترهق كاهل أصحابها في بنائها، تلك المساحات الطينية اتسعت لأصحابها في ذلك الوقت، وعلى الرغم من صغر مساحتها وكثرة عدد الأفراد القاطنين فيها، إلا أنها لم تضق ذرعاً بسكانها. 
وتابعت الدربي: تتميز البيوت القديمة بالرحابة والهدوء كما كانت توفر لساكنيها الطمأنينة، التي تحكمها طباع الناس الذين يسكنون متجاورين مع بعضهم بعضاً، مؤكدة: «تبقى ذكرياتها بحلوها ومرها لا تغيب عن البال وإن طالت السنين وتغيرت ملامحها. والأجمل في هذه الذكريات عندما نترك العنان لخيالنا نجده ينطلق في سماء الماضي الرحب ويذكرنا بأيامه الخوالي فأجمل شيء هو الحديث عن أسرار الماضي وذكرياته الحالمة». 

معان إنسانية
وقال الكاتب عبدالله محمد السبب، إن البيوت القديمة، بيوت الذاكرة وأُناس الأزمنة الماضية، بكل ما تحمله تلك البيوت من معان إنسانية وسمات سامية وتفاصيل وفصول من حكايات تعيش في وجدان البشر وفي يومياتهم، مشيراً إلى أن بيوت الطين، بيوت السنين بما تضمنته من أحداث وبما احتوته من أهل وجيران، والعلاقات القائمة فيما بين البشر ومع البيئة والملامح الجغرافية والتاريخية.
وقال «هذه البيوت الطينية المتناثرة في أرجاء دولة الإمارات، بأشكالها الهندسية المتباينة، المملوكة لبسطاء الأهالي وللمقتدرين على السواء؛ والمتراصة بتوزيع جغرافي متداخل، في حاجة ماسة إلى العناية بها من الحكومات المحلية، لجعلها قرى سياحية بما تنطوي عليه من تاريخ عتيق عريق، في سجل الذاكرة الإماراتية منذ ما قبل عهد الاتحاد».

تكاتف اجتماعي
قالت الكاتبة فاطمة المزروعي، بيوت الطين عامرة بذكريات الأمكنة القديمة، حيث كان الجيران يعيشون معًا كأسرة واحدة، وكانت البيوت القديمة متقاربة وتتزاحم بالتراحم والتعاون وعلاقات المحبة والمودة والرحمة وصلة التقارب والجيرة؛ يتبادل سكان أحيائها الطعام والشراب وينتصرون للجار  إذا ما أصابه أي أذى ويتشاركون للمناسبات بكل حب وتعاضد وخير؛ فالبيوت الطينية ليست مجرد سكن بل ذاكرة تاريخية لناسها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©